وداعاً يابلسم القلوب … وداعًا هناء الحماص

بقلم:لطيفه السقمي
وداعا يابلسم القلوب …وداعاً هناء الحماص ..
داعية الجوف في ذمة الله
إنا العين لتدمع وإنا القلب ليحزن وإنا على فراقك ياهناء لمحزونون ولانقول إلا كما قال قدوتنا وحبيبنا محمداً صلى الله عليه وسلم (إنا لله وإنا إليه راحعون )
من أصعب ما يمر به الإنسان فقدان الأحبة، وخاصة عندما يتوالى الفقد في أسرة واحدة، كما حصل مع هناء. فقد كانت قدوة في الصبر والثبات، تركت أثراً خلفها متشح بمعاني الصبر الحقيقية فقدت والدتها وزوجها وريحانة قلبها ابنها الأول ثم والدها وكفنت قبل أشهر عمتها التي كانت ترعاها مع والدها في كبرهم وتقف شامخة كالجبال لتنشر الصبر بين جُنبات بيوت أهل الجوف تواسي هذه وتلك حينما يعتصر قلوبهم الفقد تكون بلسم لجراحهم مذكرة بقيمة الصبر تداوي الجراح بقال الله وقال رسوله .
والآن جاء دور محبيها ليكونو مثالاً للصبر الذي علمته لهم وبقلوب يعتصرها الحزن، وعيون تفيض بالدموع، نودّع اليوم روحًا طيبة، ونفسًا نقية، كانت لنا أختًا وداعية، وكانت للقلوب بلسمًا، وللنفوس شفاءً. هناء الحماص لم تكن مجرد اسم، بل كانت نورًا يسير بيننا، ينشر الخير، ويواسي الحزين، ويجبر كسر القلوب المنكسرة.
في كل مجلس ذكر, كانت روحها تملأ المكان، …….
كلماتها تطمئن القلوب ،..وابتسامتها تبعث في النفوس سكينة ورضًا. كانت من أولئك الذين لا يمرون في الحياة مرورًا عابرًا، بل يتركون أثرًا لا يُمحى، ويزرعون في القلوب حب اللّٰه والرضا بقضائه.
عرفناها بحبها للخير، وحرصها على الصدقات، ويدها التي لا تكلّ عن مساعدة المحتاجين وتفريج كرباتهم. لم تكن تنتظر مناسبةً لتطعم الطعام، أو لتقف إلى جوار من فقد عزيزًا، بل كانت سبّاقةً إلى ذلك، تقدم المواساة والدعم النفسي، وتحمل بين يديها الطاهرتين حبة التمر وفنجان القهوة وتضعه في فم المكلومة وهي ،تحثها على الصبر والاحتساب
كانت مثال المرأة الصالحة، الصابرة، التي لا تملّ من نشر الخير، ولا تتردد في أن تكون سندًا لكل من حولها. واليوم، رحلت عن دنيانا فجأة، تاركة قلوبًا مكلومة، ومجالس ذكر نفتقدها، وعيونًا تبحث عنها في كل زاويةٍ كانت تجلس فيها وتنثر فيها من نور قلبها الطاهر. سيفقدك مجلس الذكر والمسجد وستفقدك أم الأيتام وسيفتقدك من كانت يدك تطعمهم ويفتقدك قلوب محبيك جميعاً .
وداعاً هناء يامن كنتي لقلبي في حزنه هناء
لكل محبيها أحسن الله عزائنا وعزائكم في فقيدة الجوف كانت هناء مثالًا في الصبر والتسليم لقضاء الله. نعلم جميعًا كم كانت”، قوية في وجه المصائب، فليكن صبرها عبرة لنا ولأبنائها وأهلها ، ولتكن دعواتنا لها دائمًا أن يحفظها اللّٰه في دار النعيم.”
ويهون علينا المصيبة أنها بين يدي الرحمن الرحيم، الذي لا يُضيع أجر من أحسن عملًا، وأن حسناتها باقيةٌ، وسيرتها العطرة ستظل في قلوبنا ما حيينا.
رحمكِ اللّٰه يا هناء، وغفر لكِ، وأسكنكِ الفردوس الأعلى، وجمعنا بكِ في مستقر رحمته، وجعل كل من أحبكِ شاهدًا لكِ يوم تلقينه.
اللهم اربط على قلوبنا وقلوب أهلها ومحبيها، وألهمنا الصبر
والسلوان.
لن ننساكِ أبدًا، وسيبقى أثركِ حيًا فينا ماحيينا.