المرض يعلّمنا معنى الاقتراب من الله تعالى

 

بقلم الدكتور عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

ليس المرض مجرد حالة تُثقِل الجسد؛ بل هو رسالة نور يبعثها الله تعالى لعبده، حين تتشابك مشاغل الحياة، وتضيع السكينة بين خطوات الأيام. يأتي المرض ليُهدّئ ضجيج الدنيا، ويعيد ترتيب البصيرة، ويذكّر الإنسان بأن القوة الحقيقية ليست في اكتمال الصحة، بل في الافتقار إلى الله عز وجل والاعتماد عليه.

وفي لحظات الوجع، تتجلّى حقائق لا تراها العيون في ساعات العافية. ينكسر كبرياء النفس، وتلين القلوب القاسية، ويفتح الله سبحانه وتعالى نافذة رحمة على الروح، فتعود إليه عودة صدقٍ وشوقٍ ويقين. وما أعذب تلك اللحظات التي يتخفّف فيها العبد من حوله وقوته، ويلجأ إلى حول الله جل جلاله وقوته، سائلًا ولطفه سابقٌ لسؤاله.

إن الصبر على المرض ليس احتمالًا للأذى فحسب؛ بل هو عبادة قلبية رفيعة، تترسخ فيها ثقة العبد بحكمة الله رب العالمين فيما يقدّر ويختار. فالمرض قد يكون بابًا لرفعةٍ لم يكن العبد ليبلغها بعمله، وتطهيرًا لا يناله إلا من اصطفاه الله تعالى ليربيه بالابتلاء كما ربّاه بالنعماء. وفي كل نبضة ألم لطفٌ خفي، وفي كل سكونٍ حكمة، وفي كل ضيقٍ رسالة تهدي إلى اتساعٍ أعظم.

وللمرض آثار لا يدركها إلا من فتح الله سبحانه وتعالى بصيرته:

يُليّن قلبًا قسا، ويُصلح علاقةً انشغلت، ويُعيد الإنسان إلى مساره الصحيح، ويجعله يرى نعم الله عز وجل التي كانت بين يديه فلم يشكرها حق شكرها. وكم من مريضٍ عاد من بلائه بروحٍ أنقى، وهمّةٍ أعلى، وقربٍ من الله جل شأنه لم يصله في أيام الراحة.

ومهما امتدّ ليل الألم، فإن فجر العافية قريب، ورحمات الله تعالى أسرع من الوجع، وأوسع من التعب، وألطف بالقلب مما يتصور. وما دام العبد يُحسن الظن بربه، فسيرى في المرض سبيلًا للتزكية، وطريقًا للقرب، وسببًا لطمأنينةٍ تتجاوز حدود الألم.

ويمضي المرض، ويبقى أثره المبارك:

قلبٌ أرقّ، وروحٌ أصدق، وتعلّقٌ أعمق بـ الله رب العالمين.

وهذا اجتهاد شخصي، ونرحب بأي ملاحظات على البريد الإلكتروني:

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى