جدة… حين يصمت العالم ليتحدث البحر الأحمر

 

بقلم / محمد أبوحريد.

في لحظة تختلط فيها دهشة العالم ببهاء المكان، تشرق المملكة العربية السعودية من قلب شمس الشرق الأوسط، وتحديدًا من مدينة جدة، لتقدم للعالم مشهدًا ثقافيًا وفنيًا لم تشهد له المنطقة مثيلًا، مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي جمع تحت سقفه مبدعي الأرض كلها، ممثلين وممثلات، مخرجين، مؤثرين، كتّابًا وفنانين، ووجوهًا جاءت من كل اتجاه لتقف على أرض الأمن والسلام والرؤية، أرض المملكة التي أصبحت اليوم نقطة ارتكاز جديدة للثقافة العالمية، ووجهة للفن وصنّاعه، ومنصة لا يجتمع عليها الشرق والغرب فقط، بل يلتقي عندها مستقبل السينما بروحٍ سعودية صافية. إن جدة، هذه المدينة التي تحمل البحر في أفقها وتحمل التاريخ في طرقاتها، تحولت في هذه المناسبة الكبرى إلى لوحة كونية تعكس روح المملكة، تلك الروح التي صاغتها رؤية 2030 بقيادة القائد الملهم، وعرّاب التحول، وباني مجد الحاضر سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي جعل الثقافة لغةً موحّدة، والفن جسرًا حضاريًا يصل ما بين الحاضر والمستقبل، والسينما أداة تعبر بها السعودية نحو العالم بكل ثقة وإلهام. وما يميز مهرجان البحر الأحمر ليس فقط حضور كبار النجوم والمشاهير، بل ذلك الزخم الإنساني والفني الهائل الذي يترجم انفتاح المملكة على العالم، ويؤكد أن السعودية اليوم ليست متلقية لصناعة السينما، بل صانعة وفاعلة وقادرة على جذب الطاقات والإبداع والمواهب، تقدّم أفلامها السعودية بمعايير عالمية، وترفع مستوى الصناعة بجهود صناعها وشبابها وشاباتها، وتفتح أبوابها لصانعي الأفلام العرب والخليجيين والعالميين بحفاوة قلّ نظيرها، وتخلق مساحات ذهبية للتعاون والتجريب والتأثير. هنا في جدة، تتحول السجادة الحمراء إلى منصة اعتراف دولي، وتتحول عدسات الكاميرات إلى شهود على صعود ثقافي استثنائي، وتتحول ضحكات النجوم وحديثهم وظهورهم إلى رسالة واضحة مفادها أن السعودية أصبحت بيتًا للجميع، بيتًا يحتضن الإبداع ويمنحه الأمان، ويستقبل المبدعين باحترام وكرم، ويمنحهم مساحة آمنة للعمل والتجربة والتفرّد، وكل هذا يعود إلى احترافية القائمين والمنظمين الذين أثبتوا للعالم أن المملكة قادرة على الإبهار والتنظيم والإدارة بمستوى يضاهي أعظم المهرجانات العالمية. إن حضور الشخصيات من مختلف قارات العالم، من أوروبا إلى آسيا، من أمريكا إلى إفريقيا، من الشرق إلى الغرب، يعكس مكانة المملكة كقوة ناعمة جديدة في المشهد الثقافي الدولي، ويجعل من جدة بوابة مشرقة تروي للعالم قصة وطن آمن مستقر كريم، يفتح ذراعيه لكل ثقافة، ويحتفي بكل صوت فني، ويمنح السينما لغة جديدة تمتزج فيها الإنسانية بالجمال، والواقعية بالشغف، والطموح بالتاريخ. وفي هذا المهرجان، لا يظهر الفن وحده، بل يظهر جوهر السعودية، جوهر الإنسان السعودي، جوهر القيادة التي آمنت بالطاقات وأطلقتها، آمنت بالحلم وحققته، آمنت بالمستقبل وصنعته، جوهر وطن يبني مجده بثقة، ويسير نحو غد أعظم، ويثبت للعالم أن السلام منهج، وأن الأمن واقع، وأن الرؤية حين تقودها إرادة صادقة تتحول إلى نهضة تتوهج بها المدن وتفخر بها الأجيال. وهنا، في جدة، في حضرة البحر والأضواء والكاميرات، تتجلّى السعودية بصورة لا يمكن للعين أن تتجاهلها ولا للعالم أن يغضّ الطرف عنها، صورة وطن لا يقف عند حدود طموح، ولا يعترف إلا بالقمم، وطنٌ إذا قرر أن يكون في المقدمة، تقدّم العالم كله احترامًا. وفي الختام، يبقى مهرجان البحر الأحمر ليس مجرد مناسبة سينمائية، بل إعلانًا جديدًا بأن السعودية اليوم تقود المستقبل الثقافي للمنطقة، وترفع معايير الفن، وتصنع بصمتها العالمية بيدٍ ثابتة ورؤية لا تعرف المستحيل، وفي جدة وحدها، يمكن أن يفهم العالم كيف يلتقي المجد بالمكان، وكيف يصبح الوطن منصة للدهشة، وكيف تتحدث السعودية… فيصمت الجميع ليستمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى