“أنا الذي عبرت كل شيء وتوقفت أمامك”

عبدالعزيز عطيه العنزي
أنا الذي عبرتُ كلَّ شيء،
تجاوزتُ المدن،
وجسور الذاكرة،
وحكاياتٍ كنتُ أظنها لن تنتهي…
ومع ذلك،
توقف النَفَس عندك.
قلتُ لقلبي:
كيف تقطعُ الطرقات بلا رفيق؟
كيف تفتحُ الأبواب التي صَدِئتْ من الانتظار؟
أجابني بصوتٍ يشبه ارتعاشة الفجر:
“كل ما مررتَ به كان عبورًا،
أما هي…
فكانت الوصول.”
أنا الذي تعلّم من الصمت أكثر مما قالته الحشود،
أنا الذي صنع من الهزائم سلّمًا،
ومن الخيبة نافذةً للضوء،
وأنا الذي ما عاد يخاف شيئًا،
إلا المسافة بيني وبينك.
أحاورني حين تغيبين،
وأخاصمني حين تقتربين،
كأنك سؤالٌ مكسور في يد اللغة،
لا يكتمل إلا إذا نطقتُه بالروح.
لم أتوقف عندك لأنني ابتغيت النهاية،
بل لأن داخلك بداية أخرى،
ولأن فيك ما يشبه وطني الذي بحثتُ عنه طويلًا،
وما يشبه اسمي حين يُنادى بمحبة.
أنا الذي عبرتُ كل شيء،
لكنني لم أعبرك،
وقفتُ على عتبة اللقاء،
أتعلم كيف أكتبُ اسمك بلا خوف،
وكيف أسمح لنبضي أن يمضي إليك…
كما يمضي النهرُ نحو البحر
وهو يعرف تمامًا أن الغرق
نوعٌ آخر من النجاة.



