صنائع المعروف… أبوابٌ تُفتح حين يظنّ الإنسان أن لا مخرج

بقلم: الدكتور عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
تُظهر لنا الأيام أن الخير لا يضيع، وأن العطاء يعود على صاحبه حفظًا ولطفًا ووضوحًا في الطريق. وتدلّ التجارب على أن معروفًا يسيرًا قد يدفع عن صاحبه بلاءً كبيرًا، وأن يدًا امتدت لمساعدة مُتعب كانت جسر نجاة لصاحبها قبل غيره.
وتؤكّد سنن الله ربِّ العالمين أن صنائع المعروف ليست فعلًا عابرًا، بل سياجٌ من رعاية إلهية يحيط بالعبد، ويحفظه من مصارع السوء. كلمة طيبة، وابتسامة صادقة، ومساعدة خفية؛ كلها أعمال تتحرّك في الكون بلطف خفيّ، وتعود على صاحبها حين يشاء الله عزوجل، في وقتٍ يدرك فيه معنى قوله: ولسوف يعطيك ربك فترضى.
وتسمو النفس عندما تختار أن ترى أجمل ما في الناس. النفوس الرفيعة تُحسن الظن، وتلتمس العذر، وتفسّر المواقف بميزان رحيم، ثم تكلّ السرائر إلى الله سبحانه وتعالى. فالناس يخطئون، غير أن القلوب الواسعة تُحوّل الزلل إلى فرصة للفهم، لا إلى ساحة خصومة.
وتخبو النفس حين تُردّد مشاهد الهزيمة وتضخّم مواضع الضعف؛ فتنسى ما وهبه الله ربّ العالمين لها من قوة، وقدرتها على النهوض، ويقينها بأن الخير آتٍ لا محالة.
وتأتي الآية الكريمة لتعيد إليها ثباتها:
﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾.
إنه نداء يسمو بالروح، ويدفعها إلى الصمود، ويذكّرها بأن الإيمان نور يرفع صاحبه فوق الألم.
وتبقى صنائع المعروف طريقًا لا يضلّ سالكه؛ فكل خير تُنفقه يعود إليك، وكل لطف تبذله يُثمر سكينة، وكل إحسان تقدّمه يُمهّد لك دربًا من أبواب الفرج التي يفتحها الله سبحانه وتعالى متى يشاء.



