كن كما تشاء، وسأكتبك كما تكون

عبدالعزيز عطيه
أعتذر…
لا لأنني ضعيف،
ولا لأنني أغلقت الباب بوجه من قال “تعال نتعرّف”
بل لأنني — ببساطة — لم أعد أعرف الطريق المؤدي إليّ.
أنا فكرةٌ تمشي،
صوتٌ بلا جسد،
ظلٌ يبحث عن صاحبه في نهارٍ طويل
وجسدٌ يفتّش عن روحه
كما يفتّش الغريق عن آخر نَفَسٍ في الماء.
تقولون: من أنت؟
وأقول:
أنا سؤال لم يجد مَن يجيبه،
جملة ناقصة فقدت فعلها،
وطفل يحدّق في مرايا الزمن
باحثًا عن ملامح لم تكتمل بعد.
أنا الحرب التي لم تُكتب في الكتب،
والسلام الذي لم يُعلن رسميًا.
وأنا الحضور الذي يشبه الغياب،
أكون كثيرًا
حين أصمت
وأقلّ كثيرًا
حين أتحدّث.
أعتذر…
لأنني نزفت من الداخل،
ولم يلمح أحد الدم
كان النزف فكرة،
وكان الألم معنى
لا يراه إلا من عاشه.
أحتاج وقتًا كي أستبدل جلدي بأفكار جديدة
وأخلع عنّي ذاكرة ثقيلة
وأتدرّب على السلام
كما يتدرّب الراقص على اتّزان خطواته فوق الريح.
أنا لا أقدّم قلبي الآن،
ولا وعدًا
ولا بابًا مفتوحًا.
ما أملكه فقط
حرف،
حرفٌ يشبه نبضًا مؤجَّلًا
يعود كلما ظننتُ أني شُفيت.
اقرأوني…
لا لتعرفوني،
بل لتكتشفوا أن كل كلمةٍ هنا
قد تكون مرآةً لوجعكم
أو بصيص نجاةٍ لم تفكروا به بعد.
فالفلسفة ليست معرفة
بل دهشة.
والكتابة ليست تواصلًا
بل بحثًا عن الذات في عيون الآخرين.
أنا لا أبحث عن صداقة جديدة،
أنا أبحث عني.
وإن وجدني أحد في آخر النص
فليخبرني: بأي لغة أُكتب؟
وبأي شكل أحيا؟
وهل أنا أنا
أم مجرد صدى لأسئلة لا تنتهي؟



