في مشهد صحي لافت… محافظتان تتقدّمان المملكة في “سلّم الأعمار”

شروق عبدالله – الرياض

في وقتٍ تتسابق فيه الدول لرفع مؤشرات جودة الحياة، برزت محافظتا الغاط والزلفي كنموذجين مختلفين داخل المشهد الصحي السعودي ،نموذج هادئ متوازن ويشبه — في وصف المختصين — بيئة تعيش أطول مما تتوقع.

فقد كشف وكيل وزارة الصحة للصحة الوقائية الدكتور عبد الله عسيري عن وصول العمر المتوقع للسكان في الغاط والزلفي إلى 82 عامًا ،وهو رقم يضع المحافظتين ضمن قائمة الأعلى عمرًا على مستوى المملكة خلال السنوات الأخيرة.

هذا الرقم — الذي يبدو للوهلة الأولى معزولًا — يأتي في سياق وطني واسع شهد قفزة تاريخية في مؤشرات الصحة.

فبحسب بيانات وزارة الصحة ارتفع متوسط العمر المتوقع في المملكة من 74 سنة عام 2016 إلى نحو 78.8 سنة في 2024، قبل أن يعلن وزير الصحة في 2025 أن المؤشر الوطني لامس 79.7 سنة لأول مرة في تاريخ المملكة.

ورغم هذا الارتفاع الشامل فإن التفاوت الجغرافي يبقى حاضرًا بقوة ،فالتقارير الحديثة تشير إلى أن منطقة حائل تتصدر المعدلات بمتوسط عمر يصل إلى 83.5 سنة ،تليها نجران ثم الباحة ،فيما تأتي بعض المناطق — مثل مكة المكرمة — دون المعدل الوطني بقليل. وعلى مستوى التركيبة السكانيةتُظهر البيانات أن متوسط عمر الإناث أعلى من الذكور بفارق يصل إلى 1.8 سنة في بعض المناطق وهو مؤشر يتسق مع الاتجاه العالمي.

ويرى مراقبون أن تقدّم محافظتَي الغاط والزلفي على هذا المؤشر يعود إلى تحسّن الرعاية الصحية الأولية وارتفاع معدلات الكشف المبكر ،وتوسع برامج الطب الوقائي إضافة إلى نمط حياة أقل ازدحامًا وضغوطًا مقارنة بالمدن الكبرى ،ما ينعكس مباشرة على الصحة العامة وطول العمر.

كما يربط الخبراء هذا التطور بثمار التحوّل الوطني في القطاع الصحي ضمن رؤية السعودية 2030 حيث أسهمت مبادرات مثل برنامج التحوّل الصحي والرعاية النموذجية وتوسّع المراكز المتخصصة، في تحسين جودة الرعاية ورفع الوعي الصحي وهو ما انعكس على معدلات الأعمار بشكل تدريجي ومستمر.

ويؤكد مختصون أن وصول الغاط والزلفي لرقم 82 عامًا لا يمثل “صدفة صحية” بل هو أحد المؤشرات الجديدة التي تُظهر تحوّلًا في خريطة الصحة داخل المملكة وربما تكون إشارة مبكرة لما يمكن أن تبدو عليه المناطق السعودية خلال العقد المقبل إذا استمر المسار نفسه من التطوير والوقاية والرعاية الشاملة.