هل نكتفي بمدّ أرجلنا على قدر لحافنا؟

 

بقلم /فوزية الوثلان

يُعدّ مثل «مدّ رجلك على قد لحافك» من الأمثال الشائعة التي تُقال بدافع الحرص والحكمة، وغالبًا ما يُقصد به الدعوة إلى القناعة وعدم التكلّف أو تحميل النفس ما لا تطيق. لكنه، في قراءته التقليدية، قد يحمل في طيّاته رسالة خفية تدعو إلى الاكتفاء بالواقع كما هو، والقبول بالحدود المفروضة دون محاولة تجاوزها.

وهنا يبرز التساؤل:

هل التقدّم والنجاح صُنعَا بمن اكتفوا بلحافهم، أم بمن تجرؤوا على مدّ أرجلهم أبعد مما اعتادوا؟

إن كثيرًا من قصص النجاح لم تبدأ بلحافٍ واسع، بل بحلمٍ أكبر من الإمكانات، وطموحٍ أطول من الواقع. فلو التزم المبدعون والمخترعون وأصحاب المبادرات الاجتماعية بحدود ما يملكونه فقط، لما تغيّر شيء، ولظل العالم يدور في دائرة الرتابة ذاتها.

مدّ الرجل أطول من اللحاف لا يعني التهور أو إنكار الواقع، بل يعني السعي لتوسيعه. يعني أن أبدأ بما أملك، وأعمل لأصنع لحافًا أكبر، لا أن أُقزّم أحلامي لتناسب لحافي الصغير. الفرق كبير بين الطموح الواعي والمخاطرة العشوائية؛ فالأول يصنع قفزات، والثاني قد يصنع سقوطًا.

الإيجابية الحقيقية ليست في الرضا السلبي، بل في الرضا الذي يولّد حركة. أن أؤمن بقدراتي، وأسعى لتطويرها، وأغامر بحكمة، وأتحدى المألوف، فهذا هو الطريق نحو الأهداف الكبرى. فالحياة لا تكافئ من يكتفون بالحد الأدنى، بل من يجرؤون على التفكير خارج الإطار.

ربما نحتاج اليوم إلى مثلٍ جديد يقول:

«مدّ رجلك أبعد من لحافك… واعمل لتخيط لحافًا أكبر».

فالطموح ليس عيبًا، والتوسّع في الأحلام ليس تهورًا، بل هو أول خطوة نحو صناعة واقع أجمل وأكثر اتساعًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى