قُرّة أعيُننا “ماينسكت عنه”

كتبت / نيفين صبري
“القلب الذي يُصغي أعمقُ أثرًا من اليد التي تُربي”، و”ليس هناك ما يبني الطفل مثل كلمة طيبة، ولا ما يهدمه مثل كلمة جارحة”، بهذه الكلمات المأثورة تبدأ كل فلسفات التربية الحديثة لتؤكد أن الارتباط العاطفي هو حجر الأساس في بناء شخصية الطفل. بلغة أدبية هي لُغة النمو للفطرة السليمة، فالعاطفة ليست رفاهية، بل لغة نمو، وطريق نفسي أمن، بل ومعبر للطفل نحو فهم ذاته وعالمه الذي يعيش فيه.

وكل دراسة تربوية تشير بوضوح إلى أن الحب هو أول تربية، والاهتمام هو أول درس لخلق حوار بناء ودعم يساعد كثيرا في نموه النفسي والمعرفي والعقلي فإن التواصل العاطفي مع الأبناء هو أساس التربية الإيجابية التواصل العاطفي المستمر بتزيد من قوة العلاقات الأسرية بين الآباء والأبناء، حيثُ أثبتت الدراسات الحديثة أن 80٪ من الأطفال الذين يحظون بدعم عاطفي منتظم يتمتعون بثقة أعلى بالنفس، مما يجعلهم أكثر قدرة على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعقلية. فالذكاء العاطفي هنا يُعد الوسيلة الأفضل على الإطلاق بل من أهم مقومات النجاح في المستقبل، لأنه يعلّم الطفل كيفية مواجهة التحديات بمرونة وحكمة.
قد يبدو الرقم صادمًا، إذا قلنا أنه من كل 8 أطفال (طفل/ة أو مراهق/ة) في العالم تعرض لإساءة جنسية قبل سن الثامنة عشرة. فوعي الأهل والأطفال هو أساس الحماية، فيجب أن تكون تلك المبادئ حاضرة دائمًا في ذهنك أثناء تربية أطفالك، ولعل مبادرة “ماينسكت عنه” هي مبادرة لطرح القضايا الاجتماعية الحساسة حول الطفل سلطت الضوء على موضوعات مختلفة تشمل التحرش الجنسي بالأطفال لاسيما في المدارس، التي طالب المجلس القومي للأمومة والطفولة بتشكيل لجنة للتدخل السريع وإجراء فحوصات كاملة لجميع تلاميذ المدرسة كما حدث في واقعتى المدرسة الدولية بمصر، خصوصاً أطفال مرحلة رياض الأطفال.

وهنا تختلف ردود أفعال الأطفال والمراهقين إثر تعرضهم للإساءة الجنسية، فيمكن أن يكون رد الفعل أحد أو كل هذه المشاعر، ويجب أن يكون الأهل ومقدمي الرعاية على دراية بها وكيفية التعامل معها بشكل صحي.
إن الطامة هنا في انتقاد الأطفال… فهي جروحٌ لا تُرى، إذ أن الانتقاد اللاذع والكلمات السلبية لا تعالج الخطأ، بل تُحدث شرخًا داخليًا في نفس الطفل، ويسبب له امراض نفسية ومنها المزمن والذي يصعب علاجه. وقد يدفعه ذلك إلى الهروب أو الانسحاب من محيطه العائلي، هربًا من الإيذاء اللفظي أو الجسدي، مما يترك آثارًا قد تستمر لسنوات طويلة.. والحل الصحيح هو: (عدم المبالغة في رده الفعل – اعط ابنك فرصه للرجوع عن خطأه بدلا من اتهامه – انصتِ له جيدا عندما يتحدث ولا تقاطعه – احتضنه عند البكاء ولا تغضب في وجهه، وقل له أنت لست كذلك ولكن ما حدث يمكنك اصلاحه وعدم تكراره – لا توجه له اتهامات باطله ليس لها أدله بمجرد أنه اغضبك – سامحه حين يخطئ فجميعنا نخطئ فلا تعالج الخطأ بخطأ اخر اقوي منه – كن رحيما عليهم ولا تقسو فهم نعمة من الله و زينة الحياة
فالطفل يحتاج إلى والدٍ يحتويه، لا إلى من يدفعه للجوء إلى الآخرين بحثًا عن الأمان، وربما يجد هناك من يلوث فكره أو يزرع بداخله وساوس وأفكارًا مدمرة. فكن قلبًا يحتضن… قبل أن تكون عقلاً يُحاسب، فاجعلهم الركيزة الأساسية في حياتك، كما أن الحوار الهادئ يبني شخصية متوازنة، ويمنح الطفل القدرة على التعبير بثقة. لأن الاهتمام هو نصف المحبة، وهو الاستثمار الحقيقي الذي يورّث الأمان، ويُخرج للمجتمع جيلًا سليم التفكير، واسع المدارك وسط الانفتاح التكنولوجي ودخول العالم الرقمي لكل منزل، ونحن لا نعلم من هم خلف تلك الشاشات وما هي نوياهم اتجاه ابناءنا فنحن تربينا على العفة والضمير والحلال والحرام وتلك الرسالة السامية ارسلنها لأبنائنا بكل امانه لكي لا نسأل من الله لما تركتم هؤلاء الأبناء مهمشين من سبل التربية.
إنه مشروع قائد الغد، فكن المرجع الأول لطفلك؛ امدده بالعلم والنصيحة والمعلومة، وازرع فيه القيم التي تجعله نموذجًا يُحتذى به. حافظوا على سيكولوجية الطفل و اسعوا على تنمويتها
استثمر في وقته، وجهده، وتفكيره، فهو خير إرث وخير أمانة، فاستثمر فيه من وقت وجهد ومال، فهو حقا يستحق هذا الاستثمار القابل للإرث والهبه التي أوصانا به الرحمن ورسولنا الكريم.. لذا اجعله منبرا للعلم يلوح اسمه في أعالي آفاق السماء لتعزيز مواهبه، وحمايته من التنمر والأفكار الدخيلة غير الملائمة لقيمنا، مما يُساهم في تحقيق النجاح في المجال الدراسي الذي يحتاج إلى جهد منظم و ذكاء يجب أن يكون وقت الدراسة محدد حتى لا يصاب الطفل بالملل و التباعد عن الدراسة يجب أن نخلق له وقت للراحة حتى يعاود التواصل بالدراسة بشغف للإلمام و التحصيل العلمي فإن الأطفال لديهم القدرة على قمه التركيز من 10 الي 15 دقيقه وهذا أعلى قمه التركيز والتحصيل الجيد، ولكي ينجح الطفل دراسيًا، عليه أن يجمع ثلاث ركائز أساسية: (الرغبة والقدرة والفرصة).
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي حديث العصر وداعمًا أساسيًا للعديد من التخصصات العلمية، والطاقة الذاتية التي تهدد إيقاف بعض البشر عن وظائفهم إلا أن الإفراط في استخدامه دون رقابة قد يعرض الأطفال لأفكار أو محتويات خطرة، فحماية الأطفال مسؤولية لا تقبل الإهمال، لذلك يجب أن نكون شركاء في رحلة تعلمهم، فهناك العديد من الأطفال تعرضوا لكثير من الانتهاكات التي اثرت على نفسيتهم وأصبح الخوف يتملك قلوبهم، وهنا على الأسرة أن تكون الدرع الحامي لهم من “الذئاب البشرية” التي ظهرت في الآونة الأخيرة بلا ضمير ولا قيم.
لقد صدق الحق تعالى: ﴿المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملاً﴾، فلنحافظ على هذه الزينة، ولنجعل من حبهم ورعايتهم مسؤولية يومية، نبني بها جيلًا واثقًا، متوازنًا، قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل بعقل ناضج وقلبٍ مطمئن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى