الجَرّة

بقلم إبراهيم النعمي

في شهر رجب من كل عام، كانت أمي فاطمة – رحمها الله – تطلب من والدي أن يشتري لها جَرّة جديدة، يسمّونها الرجبية، استعدادًا لقدوم شهر رمضان المبارك.

وكانت الجَرّة عندنا من لوازم البيت، ومن علامات الاستقبال، لا يكتمل الموسم دونها.

تغسلها بعناية، وتبخّرها بالمستكى واللبان، ثم تضع فيها الهيل، ليصير الماء طيب الرائحة، مستساغ الطعم، كما اعتاد أهل البيوت في ذلك الزمان.

ومن بعد صلاة العصر، تملؤها ماءً، وتضعها في طرف الطراحة في الحوش، لتبرد مع نسيم المساء.

وعند أذان المغرب، نجتمع حولها، نشرب من مائها البارد، فنشعر بالراحة والسكينة، وكأن العطش يزول معه تعب اليوم.

لم تكن الجَرّة مجرّد إناء ماء، بل كانت عادة من عادات البيوت، وذكرى من زمن الطيبين، وعلامة على بساطة العيش وصدق النوايا.

رحم الله تلك الأيام، ورحم من كانوا يصنعون لنا الفرح من أبسط الأشياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى