اللغة العربية لؤلؤة اللغات

بقلم: د. وسيلة محمود الحلبي

في اليوم العالمي للغة العربية، لا نحتفي بحروفٍ تُكتب، ولا بأصواتٍ تُنطق، بل نحتفي بروحٍ نابضةٍ بالحياة، وهويةٍ عريقةٍ لا تشيخ، وذاكرةٍ حضاريةٍ تمتد من أول نبضٍ إنساني إلى آخر أملٍ في المستقبل. نحتفي بلغةٍ لم تكن يومًا أداة تواصل فحسب، بل كانت وما زالت وعاء الفكر، وجناح الإبداع، ومرآة الوجدان… إنها اللغة العربية، لؤلؤة اللغات.
العربية ليست لغة عادية؛ إنها اللغة التي إذا نطقتَ بها شعرتَ أن الحرف حيّ، وأن الكلمة كائنٌ يتنفس معنى، وأن الجملة وطنٌ كامل. هي اللغة التي جمعت بين قدسية النص، ودهشة الشعر، وعمق الفلسفة، ودقة العلم. لغةٌ وسعت القرآن الكريم، فخلّدها الله في كتابه، وشرّفها بأن تكون وعاء رسالته الخالدة، فازدادت نقاءً، وسموًا، وخلودًا.
هي لغة الضاد، لكن الضاد فيها ليس حرفًا، بل هوية. هو توقيعٌ خاص لا تشبهه أي لغة أخرى، ودليلٌ على فرادة اللسان العربي وقدرته العجيبة على التفريق بين أدق المشاعر وأعمق المعاني. ففي العربية، للحب أسماء، وللحزن مراتب، وللفرح ألوان، وللصمت بلاغة، وللكلمة وزن ومسؤولية.
العربية لؤلؤة لأنها نادرة في جمالها، ثمينة في معناها، ومتعددة الطبقات في عمقها. كلما غصنا فيها، اكتشفنا بريقًا جديدًا، وكلما قرأنا نصًا عربيًا أصيلًا، أدركنا أن هذه اللغة لا تُستهلك، بل تتجدد، ولا تذبل، بل تزهر مع كل جيل يؤمن بها.
ورغم التحديات التي تواجه لغتنا اليوم، من هيمنة لغات أخرى، أو تراجع استخدامها في بعض المجالات، إلا أن العربية لا تزال شامخة، تنتظر أبناءها لا ليبكوا على أطلالها، بل ليعيدوا إليها حضورها، في التعليم، والإعلام، والعلم، والتقنية، والإبداع. فحفظ اللغة لا يكون بالشعارات، بل بالاستخدام الواعي، والاعتزاز الصادق، وتوريثها للأجيال بوصفها قوة لا عبئًا، وفرصة لا قيدًا.
في اليوم العالمي للغة العربية، نعلنها عهدًا لا مناسبة:
أن نكتب بها بفخر،
أن نتحدث بها بثقة،
أن نعلّم أبناءنا أن لغتهم ليست أقل من غيرها،
بل هي لؤلؤة اللغات… من امتلكها امتلك كنزًا، ومن حفظها حفظ ذاته.
سلامٌ على العربية،
سلامٌ على الحرف إذا صدق،
والكلمة إذا سمت،
واللغة إذا كانت هويةً وحياة.

سفيرة الإعلام العربي
مستشار إعلامي
مسؤولة الإعلام والنشر بجمعية كيان للأيتام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى