«نحو الفراغ الذي يكتبني – النبوءة الممزقة»

بقلم عبدالعزيز عطيه العنزي

تركتك
لا في الحروف،
بل في الفراغ الذي بينها،
حيث تنهار المعاني
وتهرب النوايا قبل أن تُولد.
في السطر الأوّل
تلاشَت الكلمات قبل أن تُقال:
أهواك…
أم كنتُ أهوي؟
أحبك…
أم كنتُ أختبر الاسم؟
اللغة خانتني،
أعطتني قلبًا،
ثم أنكرت النبض،
فتحوّل كل شيء
إلى رموز مهجورة،
∅∆⊘
تختبئ في الظلّ
ولا تسمح لأي عين أن تراها.
وفي السطر الثاني
وقفت الجراح مستقيمة،
لا تميل،
تعرف أن الميل ضعف،
وأن الألم الذي يُفكّر فيه
يفقد سلطته،
ويصبح صدىً بلا صدى.
حزن بلا سبب،
غياب بلا مغادرة،
جرح لا ينزف،
لأنه أقدم من الدم،
وأقدم من الزمن نفسه،
وأقدم من أي نبوءة تُذكَر.
أحاور نفسي،
فأسمع أصواتًا لا تشبهني،
تقول إنني أنا النص،
وإنك القراءة الخاطئة،
وكل محاولة فهم
تحوّلني إلى رمزٍ بلا مفتاح،

حيث المعنى يولد
ثم يُقتل قبل أن يصل.
الطلاسم تتكاثر:
كلما حاولت الفهم
تناسلت المعاني
ككائناتٍ تخاف الضوء،
تكتبني بلا إذن،
تنسخني من داخلي إلى داخلي،
وكل علامةٍ تُنكسر
قبل أن تصل إلى أي عين.
لا نهاية هنا،
فكل سطرٍ مغلق
يفتح هاوية،
وكل صمتٍ
ينطق باسمي دون صوت،
وكأنني كلّي حاضر
ولا شيء موجود،
سوى الفراغ الذي يكتبني،
والرموز التي تهرب
قبل أن تُفهم،
والسطر الأخير
الذي لم يُكتب بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى