اليمن… وطن معلّق بين البنادق والانتظار

بقلم: عبدالعزيز عطية العنزي
من يراقب المشهد اليمني اليوم، يدرك أن الحرب لم تعد صراعًا على السلطة فقط، بل تحولت إلى حالة مزمنة تُدار ولا تُحل، وتُؤجَّل ولا تُنهي. اليمن لا يعيش حربًا مفتوحة بقدر ما يعيش تعليقًا طويلًا للحياة.
على الأرض، لا يوجد منتصر حقيقي.
كل الأطراف تُمسك بالسلاح، لكن أحدًا لا يُمسك بالمستقبل.
السلطة مجزأة، القرار موزع، والدولة غائبة إلا في البيانات.
ما يحدث في اليمن ليس فشل طرف واحد، بل فشل فكرة الدولة حين تُختطف من المشاريع الضيقة، وتُستبدل بالمليشيا، ويُستعاض عن الوطن بالولاء.
الأخطر أن الحرب لم تعد تُقاس بعدد الضحايا فقط، بل بما تفعله في الوعي الجمعي:
جيل ينشأ بلا تعليم كافٍ، واقتصاد يتآكل، وأمل يُستنزف ببطء.
المجتمع الدولي يتعامل مع اليمن كملف إنساني، لا كقضية سياسية عادلة، بينما لا يمكن لأي مساعدات أن تُنقذ بلدًا بلا حل سياسي حقيقي.
الهدن تخفف الألم، لكنها لا تشفي المرض.
اليمن لا يحتاج إلى مزيد من الوسطاء بقدر ما يحتاج إلى قرار شجاع من الداخل: قرار يعترف بأن السلاح لم يعد حلًا، وأن الوطن أكبر من أي جماعة، وأن السلام ليس تنازلًا بل إنقاذًا لما تبقى.
ورغم كل هذا، يبقى الأمل ممكنًا.
فاليمن بلد لم ينكسر بالكامل، وشعبه، رغم التعب، لا يزال قادرًا على الحلم إذا أُعطي فرصة حقيقية.
الخلاصة بسيطة وقاسية في آنٍ واحد: اليمن لن ينهض بالسلاح، ولا بالوصاية، بل بإرادة وطنية تعيد تعريف السياسة بوصفها خدمة للحياة، لا إدارة للموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى