منتدى الوفاء التربوي… حين يصنع الإخلاص منصة للفكر

الدكتور :رشيد بن عبدالعزيز الحمد
– في زمنٍ تتسارع فيه المبادرات وتبهت فيه الكثير من التجارب مع مرور الوقت، تبقى بعض الأعمال حاضرة؛ لا لأنها مُموّلة، ولا لأنها رسمية، بل لأنها انطلقت من صدق النية ووفاء الرسالة. ومن هذه التجارب التي يحق لنا التوقف عندها طويلًا: منتدى الوفاء التربوي.
تأسس المنتدى عام 1413هـ على يد مجموعة من طلاب برنامج الماجستير بكلية التربية بجامعة الملك سعود، في قسمي المناهج وطرق التدريس والإدارة التربوية. لم يكن التأسيس آنذاك مشروعًا إعلاميًا ولا كيانًا تنظيميًا، بل كان لقاء عقول قبل أن يكون تجمع أسماء، وملتقى زمالة علمية حمل همّ التعليم وقضاياه بوعي مبكر.
بدأ المنتدى بلقاءات دورية بسيطة، هدفها تبادل الخبرات ومناقشة القضايا الأكاديمية، لكنه مع مرور السنوات تحوّل – دون ضجيج – إلى منصة فكرية تربوية فاعلة، يُطرح فيها الرأي، ويُناقش فيها الاختلاف، وتُستحضر فيها التجارب، ويُحتفى فيها بالحوار المهني المسؤول.
ما يميّز منتدى الوفاء التربوي أنه لم ينغلق داخل أسوار التخصص، بل اتسع ليشمل قضايا المناهج، والإدارة التربوية، وجودة الممارسات التعليمية، وتطوير التعليم، مستضيفًا في بعض لقاءاته شخصيات تربوية وعلمية مرموقة، ومحتفظًا بروح الزمالة والاحترام التي كانت أساس نشأته.
وقد ضم المنتدى نخبة من الأكاديميين والمختصين الذين كان لهم أثر علمي وتربوي بارز، وأسهموا بفكرهم وتجاربهم في إثراء النقاش وتوجيه المسار، ومنهم أساتذة جامعات، ومشرفون تربويون، وقادة تعليم، ومهنيون من تخصصات مختلفة، اجتمعوا على الوفاء للعلم، والصدق في خدمة التربية.
إن منتدى الوفاء التربوي يمثل نموذجًا مشرفًا للمبادرات العلمية غير الرسمية التي نجحت في الاستمرار، لا باللوائح، بل بالقيم؛ ولا بالهيكلة، بل بالثقة المتبادلة. وهو شاهد على أن الحوار التربوي الصادق قادر على صناعة أثر حقيقي، متى ما كان منطلقه الإخلاص، والعمل الجماعي، والإيمان برسالة التعليم.
ويفخر أعضاء المنتدى بأنهم خدموا التعليم العام والجامعي لعقود طويلة، وتقلدوا مناصب قيادية لخدمة هذا الوطن الغالي، واضعين نصب أعينهم أن التربية ليست وظيفة، بل أمانة.
… وقد تشكّلت ملامح منتدى الوفاء التربوي عبر سنواته من خلال نخبةٍ من الأكاديميين والمختصين الذين أسهموا بفكرهم وتجاربهم في إثراء حواراته وتوجيه مساراته، وكان من بينهم:
الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد الحسين، والأستاذ الدكتور صالح بن عبدالعزيز النصار، والدكتور حمود بن عقيل الطريفي، والدكتور عبدالرحمن بن سعد مفرج الحقباني، والدكتور رشيد بن عبدالعزيز الحمد، والمحامي فهيد بن عبدالله المطيري، والدكتور حمد بن إبراهيم المنيع، والأستاذ الدكتور لفا بن محمد العتيبي، والدكتور منصور بن عبدالعزيز بن سلمة، والأستاذ ماجد بن محمد القحطاني، والأستاذ عبدالرحمن بن عبدالله الدوسري، والأستاذ خالد بن صالح النفيسة، والدكتور أحمد بن ناصر الخريف، والأستاذ سالم بن هلال الزهراني، والمهندس عبدالله بن عبدالرحمن السيف، والدكتور إبراهيم بن عبدالكريم الخطيب، والدكتور إبراهيم بن سعد الحماد، وغيرهم من الزملاء الذين جمعهم الوفاء للعلم ورسالة التربية.
ختامًا، فإن الحديث عن منتدى الوفاء التربوي ليس استدعاءً للماضي بقدر ما هو تأكيد على أن التجارب الصادقة لا تشيخ، وأن الوفاء حين يقترن بالعلم، يصنع أثرًا يبقى… ويُلهم.



