الخذلان… حين تكتشف أنك كنت مجرد علاج مؤقت

بقلم الإعلامي صالح المحجم
أعتذر لنفسي… ليس لأنني أسأت الاختيار فقط ، بل لأنني أصررت على البقاء مع من كان يرى وجودي حاجة لا قيمة
وملاذًا مؤقتًا لا إنسانًا.
أعتذر لنفسي على ثقةٍ منحتها بلا حساب ، وعلى ضميرٍ ظل يقاتل لأجل علاقات كان يجب أن تنتهي منذ أول خذلان
بقيت وأنا أعرف أن البقاء خسارة، لكنني خدعت نفسي بأن الطيبة قد تغيّر القلوب ، وبأن الصبر قد يُعيد ترتيب النفوس المعطوبة.
الحقيقة القاسية أن بعض القلوب لا تُصلَح… لأنها لم تُخلَق يومًا لتحمل الوفاء.
حاولت أن أرى الخير في قلوبٍ فارغة ، فخرجت منها مثقلًا بالخسارة.
منحت الأعذار حتى نسيت أن لي حق الرحيل وحق النجاة وحق أن أختار نفسي حين أُستَهلَك ولا أُحتَرم.
الخذلان الذي مرّ بي لم يكن مفاجئًا ، بل كان متدرجًا ، بطيئًا، موجعًا.
خذلان يشبه الموت الصامت ، لا ضجيج فيه ، لكنه يتركك شخصًا آخر أقل ثقة أكثر وعيًا ، وأشد قسوة على نفسك قبل غيرك.
بعض الأشخاص في حياتك سيغادرونك عندما تنتهي حاجتهم إليك ، تمامًا كما يترك المريض عبوة الدواء بعد شفائه.
وأنا كنت ذلك الدواء… استُخدمت حتى آخر جرعة ثم أُلقيت جانبًا دون امتنان دون سؤال دون حتى وداع يليق بما قُدِّم.
ظننت أن الطيبة قوّة ، ولم أدرك أنها حين تُمنَح بلا حدود تصبح سلاحًا يُوجَّه ضد صاحبها.
بعض البشر لا يرون في إخلاصك إلا ضعفًا ، ولا في حضورك إلا وسيلة ، ولا في قلبك إلا محطة عبور.
وضعت نفسي عندهم كعود كبريت أضاء ظلامهم واحترق بالكامل، ثم رُمي بعد أن انتهت حاجتهم للنور.
لم يهتم أحد بمن احترق، فالمهم أن الطريق أصبح مضاءً لهم.
اليوم أعتذر لنفسي بلا تلطيف ولا تجميل؛ لأنني تأخرت في الرحيل؛ لأنني سامحت أكثر مما ينبغي؛ ولأنني احترمت من لا يستحق حتى الوجود في الهامش.
هذا الاعتذار ليس ضعفًا… بل إعلان قطيعة.
قطيعة مع الاستهلاك العاطفي ومع العلاقات المؤقتة ، ومع دور “المنقذ” الذي لا ينتهي إلا بالخسارة.
الخذلان لا يكسرك دفعة واحدة… لكنه يعلّمك درسًا لن تنساه أبدًا، أن من لا يراك قيمة سيراك دائمًا مجرد حاجة.



