شتاء حفر الباطن بين عدسة المصور وقصيدة الشاعر

بقلم :منى الحميد-حفر الباطن

يأتي الشتاء بأجوائه الباردة ليحمل بين طياته جاذبية خاصة تضفي رونقاً فريداً في هذه الفترة من كل عام، يأتي ليوقظ في أهل حفر الباطن روح الدفء والتٱلف، حيث يتجمعون في رحلات برية ليعيشوا تجربة فريدة مليئة بالحكايات والألفة رغم قسوة البرد في بعض الأيام.

في شتاء حفر الباطن تختلط المشاعر والرؤى، اذ يرى الشاعر في سمائها قصائد مستوحاة من صقيع الصباح وزرقة السماء ويتأمل لحظات البرد التي تعطي المنطقة سحراً خاصاً، أما المصور فيلتقط بعدسته مشاهد من الضباب والندى، ويبحث عن الجمال في انعكاسات الضوء البارد على معالم المنطقة، أما خبير الطقس بدوره يرصد تفاصيل الأجواء وتبدل الرياح ويشاركنا توقعاته حول الليالي الشتوية التي تزداد برودة، محذراً من أمطار قد تتخلها بعض العواصف، أما رب الاسرة الأسرة، فهو يستعد

لهذا الموسم باهتمام وحرص ليخلق جواً دافئاً يشع بالحب وسط برودة الطقس.
بهذا المزيج الفريد بدأت مع الشاعر نواف التركي الذي ينسج الكلمات لتصبح صوراً حية في مخيلة قارئه وسالته: كيف تصف لنا مشهد الشتاء في حفر الباطن بعيونك كشاعر؟ فأجاب قائلاً:
_ شتاء حفر الباطن ملهم ولطيف حيث تكون الأجواء شاعرية جداً ، تكثر جلسات السمر وإجتماعات الأحبة ، عاصمة الربيع وسندريلا الشمال التي لا يضاهي جمالها مدينة أخرى .
وعند سؤالي كيف يلهمك الهدوء في الأحياء والشوارع خلال الشتاء؟ هل ترى أن الصمت البارد يمكن أن يحكي قصصاً شعرية؟ اجاب:
_ صمت الشوراع وحديث الأرصفة ونفحات البرد ، ضجيج الحواري القديمة الممتلئ بذكريات الطفولة ، أشياء محرضة وجميلة تستدعي الشعر ليكون حاضراً في المشهد معبراً عن مراحل العمر وورقاته التي تتساقط كل ما تقدم العمر .
وعند اخر سؤال قلت له:
_ باعتقادك، كيف يُشكل الشتاء تفاصيل الحياة اليومية في حفر الباطن؟ وكيف تنعكس هذه التفاصيل في أبياتك؟
حدثني قائلاً:
تتحول الحياة لمتعة بين الأيام الممطرة ، والمخيمات العائلية والشبابية ، الشتاء إكسير الحياة لحفر الباطن يخلق متعة لا متناهية قلت في احد المرات عن حفرالباطن المدينة :

معشوقة الغيم لك موعد مع الديمة
‏كنّ المطر عاشقٍ مشتاق لترابك
‏.
‏يا وادي البدو وأهل الجود والشيمة
‏أبعدت عنّك وأنا واحد من أحبابك
‏.
‏لو في مرابعك أعيّن تمرة وخيمة
‏ما كنت أنا أجمل محبينك وغيّابك
‏يامن نسايمك وجه الصبح ترنيمة
‏ من هو كسر غصنك ومن طيّر أسرابك ؟
ومن عالم الشعر والكلمات، الى خبير الطقس منيف الدليمي لنستكشف معه أسرار الطبيعة وتقلباتها فسألته: -كيف تصف مناخ حفر الباطن خلال فصل الشتاء؟ وماهي أبرز سماته مقارنة بباقي فصول السنة؟
أجاب قائلاً:
_ شتاء حفر الباطن يتميز بالبرودة مع تساقط أمطار أكبر مقارنة بالمناطق الشمالية.
وعندما سألته كيف يتأثر شتاء حفر الباطن بالتغيرات المناخية العالمية؟ وهل هناك زيادة في حدة أو تكرار الظواهر الجوية المتطرفة؟
أجابني بشكل مفصل وواضح قائلاً:
_ غالبا مايتأثر بالمنخفضات الجوية القادمة من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والتي تمتد تأثيرهاإالى سوريا وجنوب العراق، مما يجعل الطقس في حفر الباطن شتاءً أكثر نشاطاً مناخياً مقارنة بباقي الفصول، وشهدت السنوات الماضية حالات تطرف مناخي حادة مثل الامطار الغزيرة في سنة ١٤٢٦، وفي سنة ١٤٣٨، وأيضا سنة ١٤٤٠ مقابل الجفاف وانخفاض معدل الامطار و كانت هناك ظواهر مناخية غير مألوفة.
وهذه الأجوبة ترشدني إلى سؤالي الأهم وهو:
– هل ترى أن هناك تغيرات ملحوظة في شتاء حفر الباطن على مر السنوات الأخيرة؟ وماهي توقعاتك للسنوات القادمة؟ أجابني متفائلاً في حديثه وقال:
_ نعم هناك تغيرات ملحوظة في شتاء حفر الباطن ومن المتوقع أن يتغير المناخ في السنوات القادمة بشكل أكبر خاصة خلال فصل الشتاء يتوقع أن تزيد وفرة الأمطار نتيجة تأثر المنطقة بالمناطق الشمالية والجنوبية بسبب موقعها الجغرافي داخل المملكة.
ومن قراءة تقلبات السماء إلى توثيق لحظات الأرض، انتقلت الى المصور خالد النهار ورؤيته في تجميد الزمن بعدسته وسألته: -ماهي التحديات التي تواجهها أثناء التصوير في الأجواء الباردة أو الممطرة؟ وكيف تتعامل معها؟ فأجاب::
– أحياناً المطر والبرد يعطي أجواء للصور أكثر إبداعاً واحترافية لكن التحديات التي نواجهها كثرة سقوط الأمطار يمكن أن تتأثر الكاميرا أو العدسة بالرطوبة أو بالبرد الشديد لأن بتكثف البخار داخل العدسة يؤثر على جودة الصور، فأتعامل مع هذه الأجواء بمتابعة حالة الطقس باستمرار، واستخدم غطاء واقي ضد المطر لحماية الكاميرا والعدسة.
وعندما سألته هل تعتقد أن شتاء حفر الباطن يحفزك لتجربة أساليب أو تقنيات تصوير مختلفة؟ وكيف يؤثر الطقس على أسلوبك الفني؟ أجابني قائلاً:
– شتاء حفر الباطن يتميز بالبرودة وأحيانا بالأجواء الضبابية والممطرة وهذا يحفزني ويشجعني لتصوير مشاهد أكثر هدوءاً وهذا ينعكس على الصور ويخرجها بطابع فني جميل. يؤثر الطقس على أسلوبي الفني ويجعلني أستخدم تقنيات مثل التصوير الطويل حتى أوثق حركة الغيوم أو الأمطار واستخدم إضاءة خافتة في وقت الشروق أو الغروب وأهم شئ أركز على تصوير اللحظات التي تعكس أجواء الشتاء مثل قطرات المطر على الزجاج أو أثر القدم على الرمال المبللة.
وفي آخر سؤالي للمصور كيف تتعامل مع تأثيرات الضوء الطبيعي في الشتاء، مثل الغيوم أو الضباب؟ وهل لديك نصائح للحصول على لقطات مميزة في مثل هذه الظروف؟ كانت إجابته وافية ومفيدة جداً حيث قال:
– أتعامل مع تأثيرات الضوء الطبيعي في الشتاء بتوفير إضاءة ناعمة وموزعة وهذا يعطي الصور طابع الهدوء والأكثر راحة. وللحصول على لقطات مميزة، أستفيد من الضوء الناعم لتصوير البورتريه أو المناظر الطبيعية، تصوير أجواء الضباب لإبراز العناصر الأمامية وإخفاء الخلفية، وتجربة تصوير المشاهد من زوايا مختلفة أو استخدام تقنيات مثل التصوير الطويل لإبراز الحركة في المشهد.
ومن عدسة المصور التي توثق اللحظات، انتقلت إلى الإعلامي شاهر السعد بصفته رب أسرة لأتحدث معه عن أهمية دفء العائلة في أجواء الشتاء الباردة، فسألته: -كيف يؤثر الشتاء على نمط الحياة اليومي لأفراد العائلة؟ وهل هناك أماكن أو أنشطة خاصة تقوم بها الأسرة في فصل الشتاء؟ أجاب قائلاً:
يؤثر بشكل إيجابي يزيد من النشاط والفعاليات الشتوية المتعددة، فنحن في عاصمة الربيع حفرالباطن حيث تكثر الفعاليات المتنوعة من تخييم و الكشتات وغيرها من الفعاليات والأنشطة المجتمعية.
وسألته من وجهة نظره كرب أسرة هل تشعر أن الشتاء يشجع على زيادة التجمعات الأسرية وقضاء وقت أطول في المنزل؟ أجاب قائلاً: نعم وبشكل كبير حيث أننا ولله الحمد في السعودية نتمتع بعلاقات عائلية ومجتمعية مميزة ؛ لذلك تكثر في الشتاء التجمعات والمناسبات الأسرية و العائلية لقضاء أوقات ممتعة.
ختاماً، يبقى شتاء حفر الباطن رمزاً للجمال الفريد والأجواء التي تمزج بين البرودة ودفء اللقاءات، ويبقى متميزاً بجاذبيته الخاصة التي تجمع أهل المنطقة وزوارها حول الطبيعة والأرض، في أجواء تجمع بين سحر المطر وسكون الصحراء، وبين أمسيات الشتاء الهادئة ورحلات البر الممتعة، ويظل شتاء حفر الباطن تجربة تخُلد في ذاكرة كل من يعيشها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى