التطور الجامعي (جامعة الملك خالد أنموذجاً)
بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
نائب الأمين العام في جمعية عناية
عندما تطالع سر تقدم الأمم تجد أن من أهم أسبابه التطور العلمي ، والله عزوجل خلق البشرية وهيأ لها سبل العلم والتعلم، قال الله تعالى (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ولذلك لما بعث رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم كان أول آية نزلت عليه قول الله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وهذه الآية فيها دلالات كثيرة ومعان عظيمة، ومن دلالاتها العلم والتعلم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم تنزل عليه الآيات ويدارسه جبريل ويعلم الناس ماعلمه ربه فاستقامت الحياة بأمره سبحانه ونبذ الجاهل وهذبت الأخلاق، وحمل ذلك العلم من بعده صلى الله عليه وسلم الصحابة والتابعون ومن بعدهم .
هذا وقد تسابقت الأمم والدول في العلم والتعلم في شتى العلوم مثل العلوم الشرعية والطبيعة التجريبية والإنسانية، وبأمر من الله سبحانه وتيسيره تنامت تلك العلوم وحسنت جودة حياة البشر، ففي كل قرن كانت تلك العلوم حاضرة ومؤثرة وتذلل صعوبات الحياة وتلك العلوم كانت تتناقل عبر التدوين والتعليم للأجيال اللاحقة ومع تقدم العلم انتظمت المدارس والجامعات التعليمية التي توقد شرارة الابتكار والإبداع والتقدم البشري في شتى مجالات الحياة وخرجت الدراسات والبحوث العلمية التي ترتكز على حقائق وترصد النتائج والمخرجات، وتراكمت تلك العلوم عبر الأزمنة حتى أصبح من يملك تلك العلوم وينميها فهو يملك جوهرة ثمينة يكون محط الأنظار والاحترام على مر التاريخ ، وفي زيارة جميلة وخاطفة لجامعة الملك خالد بمدينة أبها تلك الجامعة القوية باسم حاملها وكوادرها التعليمية والإدارية والتي تعد من الجامعات العريقة، حيث تأسست عام 1998م/1419هـ وقد قمت بزيارة هذه الجامعة مع صحبة من المتخصصين في القطاع غير الربحي وذلك لبحث أوجه الشراكة المجتمعية مع الجامعة ، فالجامعات بلا شك هي محطات التقدم والبحوث والدراسات والازدهار ولا سيما في وطننا الغالي فأول ما شدني عند قدومي لتلك الجامعة طرازها الجمالي وموقعها الجغرافي وإطلالتها الخلابة، بالإضافة إلى بيئتها التعليمية المحفزة للتعلم، فأخذنا جولة في بعض كلياتها والاطلاع على أنشطتها فدهشت لما رأيت من تفانٍ من الكوادر التعليمية الوطنية ورؤيتها الأكاديمية وحبها للعلم والتعلم ونشرها ونقلها للمعرفة والخبرات والعلوم المتقدمة والتجارب الناجحة المحلية والعالمية للأجيال الحاضرة ومواءمة أهدافها مع أهداف الرؤية الوطنية 2030 ،
رأيت الحماس والرغبة في التغيير والمنافسة وبفضل الله عز وجل ثم همة إدارتها وصلت هذه الجامعة إلى تقدم في التصنيف المحلي والعالمي وحصلت على جوائز وشهادات تميز فأصبحت مغنماً لكل دارس وفرصة نجاح لكل أكاديمي يبحث عن الإبداع وتطوير مهاراته وقدراته وابتكاراته العلمية فهذه الجامعة رشيقة ومتفاعلة مع العلوم و التربية و القضايا الاجتماعية وهي تهدف إلى إحداث الأثر واستقطاب أفضل الكوادر الوطنية التي لها مكانة علمية محلياً وعالمياً، كما حرصت على التنوع بين المستقطبين الوطنيين من جامعات محلية ودولية قد تخرجوا من جامعات دولية متنوعة وهي بذلك تهدف إلى التجديد في الفكر والإبداع، وقد رأينا هذا النموذج في كلية التربية ، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل اهتمت بنشر المعرفة عالمياً وذلك باستقطاب طلاب المنح وكانت الإدارة العامة للطلبة الدوليين لها الدور السباق في ذلك حيث وضعت التنظيمات والآليات والقوانين التي تسهم في تنميتهم علمياً وتهيئتهم للتعليم والتنمية في بلدانهم.
ومن جمال تلك الرحلة زيارتنا لمصدر العلم المكتبة، فقد رأينا ما أدهشنا من مبانٍ جذابة وجميلة مكونة من عدة طوابق يتمنى الزائر أن يقضي يومه في ذلك المكان الذي يعكس قوة تلك الجامعة فقد استخدموا أفضل طرق تصنيف الكتب والتقنية الحديثة التي سهلت على الدارسين اقتناءها والمطالعة والرقي المعرفي واختتمنا تلك الرحلة الجميلة التي ارتسمت بالابتسامة والدهشة فيما رأينا إلى مركز ريادة الأعمال ذلك المركز المولد للابتكارات والأفكار الإبداعية وإيجاد حاضنة لها رأينا كيف يوائمون بين العلم الأكاديمي والتطبيقي العملي وإيجاد بيئة جاذبة لطلابه لتوليد أفكارهم وتشجيعهم كما أطلقت مجموعة من المنصات الإلكترونية الوطنية التي تسهم في تذليل الصعوبات على مستوى الجامعة أو المجتمع ، وكم كنا نتلهف لزيارة كليات أخرى إلا أن الوقت ضاق بنا وانتهى الوقت المحدد للزيارة ويحدونا الأمل لزيارة الجامعة مرة أخرى والاطلاع أكثر على أفضل الممارسات التعليمية والتجارب الناجحة .
وفي ختام هذه الزيارة نتقدم جزيل الشكر والامتنان لرئيس الجامعة والكوادر التعليمية والإدارية على مايبذلونه من جهود لتنمية الوطن والشكر أجزله لمعالي وزير وزارة التعليم د.يوسف بن عبد الله بن محمد البنيان على الإشراف والتمكين لجامعاتنا وتذليله لكافة الصعوبات وهذا الدعم لم يكن يأتي لولا توفيق الله عزوجل ثم وجود حكومة رشيدة جعلت التعليم نصب أعينها منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناءه البرره وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ذلك العهد المزدهر بإشراف عضيده و ملهمنا ولي عهده الأمير محمد بن سلمان مهندس رؤية المملكة 2030 التي كان من أساسها العلم والتعلم ومن برامجها برنامج تنمية القدرات البشرية وأبرز أهدافه التعليمية الإستراتيجية ، توفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولوية ،التوسع في التدريب المهني لتوفير احتياجات سوق العمل ،تعزيز ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال ،بناء رحلة تعليمية متكاملة ،تحسين تكافؤ فرص الحصول على التعليم ،تحسين مخرجات التعليم الأساسية ، رفع تراتيب المؤسسات التعليمية ،ضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، فجزيل الشكر والامتنان لدولتنا العظيمة وقيادتنا الرشيدة والكوادر التعليمية وشعبنا الهمام المتطلع للنمو والتقدم والمنافسة الدولية بسواعد وطنية ،فنسأل الله أن يحفظنا بحفظه ويكلأنا برعايته وأن يجعل التوفيق والسداد حليفنا وأن يجعل بلدنا آمنة مطمئنة، وأن يحفظ علينا قادتنا، وأن يرزقهم البطانة الصالحة.