الصَّمتُ لايُهزم

بقلم الكاتبة/  وداد بخيت الجهني
صحيح أن الصمت لغة مؤلمة للغاية، وأسوأ، وأفظع، أنواع العزلة، وأشد إرهاقاً للفؤاد، وأكثر تعباً، وأقسى عقاباً يتخذه الإنسان بحق نفسه، لكنه أحياناً أختياراً إجبارياً لاأختيارياً، خاصة عندما تخيب توقعاتنا، وعندما يُصبح العتاب لايُجدي نفعاً مع من أسرفنا في الظهور على أرضهم، فعندما يجرحنا من لبثوا في كهف القلب سنين عددا، وبلغ شعورنا المجروح منهم مداه،

وتعدى وجعنا حدود الألم؛ حينها لأبد أن نُعلن أن معركة إعطاءنا الفرص لهم قد هُزمت، وطوق تحملنا كُسر، وخيباتنا المحبوسة بدأت تطفو على السطح، فوجع القلب عندما يكون أبطاله أحبابنا، يصعب علينا شرح الترهات التي بداخلنا، فنبتلع الكلمات في جوفنا، ويمتنع لساننا عن الفضفضة، وترفض عيوننا البوح، وتصمت مفرداتنا عن الوصف عمداَ، وتصبح مشاعرنا غير قابلة للمشاركة، فالانقلاب المفاجئ في عواطفنا ليس وليد اللحظة، وبحار الحزن التي غاصت في أعماقنا، واستقرت في حناحن الجوف لم تك لحظة غضب بل أحداث مخفية في داخلنا، جُرح نازف يأبى الضماد.

فالشاعر يقول :
إن القلوب إذا تنافر ودها
مثل الزجاج كسرها لايُجبر

للصمت رغم ضجيجه إلا أنه لغةً أنيقة، وأنتقام لائق لمن نُريد أن نغلق أعيننا عنهم، ونقتلعهم من داخلنا، ونحرقهم في حقول الغامهم التي رمونا بها، فالصمت فرصة أولى، وأخيرة لهم يتبعه، رحيل بدون رجوع أو ندم،فلن تجمعنا معهم محطات الحياة، وتذاكر اللقاء بهم لن تُحجزأبداً، فثمنهم أصبح بخس لايستحق المناقشة،وأوراقهم تساقطت من ربيعنا بلا عودة، فمشاعرنا المتألمة أصبحت في سجون الصمت مقيدة. “فمن يُحب لايمكن يفكر أن يجرح”.

يسامح الله من من أحببتهم فقسوْا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى