العدالة الوظيفية: رؤية القيادة في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية
بقلم الدكتور/ أحمد عبد الغني الثقفي
العدالة والشفافية هما الدعامة الأساسية لنجاح أي مؤسسة، فهما يضمنان تحقيق الكفاءة والإنصاف ويعززان مناخ العمل الإيجابي. في المملكة العربية السعودية، تولي القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أهمية قصوى لهذه القيم، من خلال بناء مؤسسات عادلة تحمي حقوق الموظفين وتكافح الفساد الإداري. ومع ذلك، قد تعترض مسيرة العدالة بعض الممارسات الخاطئة، مثل استغلال المدراء لمناصبهم والتلاعب بالتقييمات الوظيفية، مما يؤدي إلى الإضرار بالكفاءات وتحطيم الروح المعنوية للموظفين.
استغلال المدراء لمناصبهم وأثره على بيئة العمل
من الظواهر السلبية التي تواجه بيئات العمل، استغلال بعض المدراء لمناصبهم لتقديم تقييمات وظيفية غير عادلة. يحدث ذلك عندما يُمنح الموظفون الذين لم يحققوا الأداء المطلوب تقييمات مرتفعة، إما لتعويض عدم ترقيتهم أو لأسباب شخصية، بينما يتم تجاهل الموظفين المجتهدين والمتفانين في عملهم.
أبرز الآثار السلبية لهذه الممارسات تشمل:
1. الإحباط المهني: يفقد الموظفون المتفانون حماسهم، مما يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتهم.
2. ضعف الولاء المؤسسي: غياب العدالة يضعف ارتباط الموظف بالمؤسسة ويؤدي إلى شعوره بالغربة.
3. هجرة الكفاءات: الموظفون الأكفاء يفضلون مغادرة المؤسسة بحثًا عن بيئة عمل تُقدّر جهودهم.
4. تراجع الإنتاجية: يؤدي غياب الحافز إلى ضعف الأداء العام وتراجع جودة العمل.
هذه الممارسات تقوض مبادئ العدالة والشفافية التي تعتبرها المملكة أسسًا لبناء مؤسسات قادرة على مواكبة التحديات وتحقيق رؤية 2030.
دور هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” في تعزيز العدالة الوظيفية
في إطار حرص القيادة على تحقيق العدالة، تلعب هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” دورًا محوريًا في محاربة الفساد الإداري وضمان العدالة الوظيفية.
أهم جهود نزاهة تشمل:
1. التحقيق في الممارسات غير العادلة: تراقب الهيئة المؤسسات الحكومية والخاصة للتأكد من التزامها بمعايير التقييم الوظيفي.
2. تعزيز الشفافية: تُلزم المؤسسات بوضع معايير واضحة وعلنية لتقييم الموظفين والترقيات.
3. حماية حقوق المظلومين: تتيح قنوات سرية للإبلاغ عن الممارسات الظالمة، مع ضمان حماية المبلغين.
4. مراقبة الأداء المؤسسي: تقوم الهيئة بمراجعة سياسات المؤسسات لضمان توافقها مع مبادئ العدالة والنزاهة.
جهود نزاهة تنبع من التوجيهات المباشرة للقيادة الرشيدة التي تسعى إلى تعزيز دورها كجهة رقابية لضمان تحقيق بيئة عمل عادلة وشاملة.
اهتمام القيادة بتحقيق العدالة الوظيفية
يُعد اهتمام سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتحقيق العدالة الوظيفية أحد أبرز ملامح رؤية المملكة 2030. يؤكد سموه أن العدالة ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي أساس بناء مؤسسات قادرة على تحقيق النمو المستدام.
أبرز جهود القيادة تشمل:
1. دعم حقوق الموظفين: توجيهات ولي العهد واضحة في محاربة أي تمييز وظيفي وضمان إنصاف الجميع.
2. تعزيز الشفافية في المؤسسات: أطلق سموه برامج مثل “قياس أداء الأجهزة الحكومية” لمتابعة مدى التزام المؤسسات بمعايير النزاهة.
3. محاربة الفساد الإداري: يشدد سموه على ضرورة معاقبة المدراء الذين يستغلون مناصبهم للتلاعب بالتقييمات.
4. بناء بيئة عمل محفزة: يعمل سموه على تطوير ثقافة مؤسسية تقوم على الكفاءة والإنجاز، مع منح الفرص بناءً على الأداء الفعلي للموظف.
رؤية القيادة تركز على جعل العدالة الوظيفية جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المؤسسية في المملكة، لضمان تقدم المؤسسات وتحقيق الاستدامة.
آليات تعزيز العدالة الوظيفية في المؤسسات
لضمان تحقيق العدالة الوظيفية، يجب على المؤسسات تبني سياسات شفافة وممارسات عادلة تشمل:
1. وضع معايير واضحة للتقييم: يجب أن تكون التقييمات مبنية على أداء الموظفين ومعايير موضوعية، بعيدة عن المحاباة أو التفضيلات الشخصية.
2. تعزيز الرقابة الداخلية: تشكيل لجان مستقلة لمراجعة التقييمات والترقيات لضمان نزاهتها.
3. تشجيع الإبلاغ عن التجاوزات: توفير قنوات آمنة للإبلاغ عن أي ممارسات غير عادلة مع حماية المبلغين.
4. التعاون مع نزاهة: تعزيز التنسيق بين المؤسسات وهيئة مكافحة الفساد لضمان الالتزام بمعايير العدالة والشفافية.
العدالة الوظيفية في سياق رؤية المملكة 2030
تُعد العدالة الوظيفية أحد ركائز رؤية المملكة 2030، حيث تركز القيادة على بناء مؤسسات تعتمد على الكفاءة والإنصاف. تؤكد القيادة أن تحقيق العدالة الوظيفية ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لضمان نجاح المؤسسات وتعزيز ثقة الموظفين في بيئة العمل.
رؤية 2030 تسعى إلى تحويل العدالة الوظيفية إلى مبدأ مؤسسي، حيث يكون الأداء الفعلي هو المعيار الوحيد للتقدير والترقية، مما يعزز مناخ العمل الإيجابي ويدعم تحقيق الأهداف الوطنية.
إن العدالة الوظيفية ليست فقط مطلبًا أساسيًا لتحقيق الرضا الوظيفي، بل هي أيضًا عنصر حيوي لتعزيز إنتاجية المؤسسات وولاء الموظفين. تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، تسعى المملكة إلى القضاء على الفساد الإداري وضمان حقوق الموظفين من خلال دور هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” والتوجيهات الملكية التي تؤكد أهمية الشفافية والإنصاف.
إن بناء بيئة عمل عادلة لا يعزز فقط من نجاح المؤسسات، بل يعكس أيضًا رؤية المملكة لبناء مجتمع متماسك ومتوازن، حيث تُحترم حقوق الجميع ويُكافأ المجتهدون بما يستحقون. بهذا التوجه، تسير المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق طموحات رؤية 2030.
قصيدة عن العدالة الوظيفية ورؤية القيادة
يا مملكةَ العدلِ، يا نبراسَ السَّنا
في ظلِّ سلمانَ، الرضا مُبتدَا
وفي ظلِّ وليِّ العهدِ، عزٌّ شامخٌ
يبني بمجدٍ رؤى المستقبلِ هنا
محمدٌ بن سلمانَ، قائدُ عزّةٍ
بالعدلِ والإنصافِ شادَ المُنتَهى
رؤيةٌ ثلاثونَ كالنورِ أشرقتْ
تزدانُ عدلًا مثلَ بدرٍ في الدُّنا
في كلِّ مؤسسةٍ نظامٌ قائمٌ
أسسُ النزاهةِ والحقوقِ قد جَلَا
يا قائدَ الإصلاحِ، كم من عوجٍ
قوّمتَهُ عدلًا، فكان مُستبقى
نزاهةُ الراصدِ للظلمِ أينما
كان الجحودُ أو استبدَّ بمن هوَى
يا أيها المديرُ كنْ في منصبٍ
حكمًا أمينًا لا تُحابِ من طغى
لا تجعلِ التقييمَ سيفًا يُجرحُ
بل اجعلِ الإنصافَ روحًا للسَّمَا
فالعدلُ تاجٌ فوقَ رأسِ العارفِ
والمستقيمِ إذا استبانَ المقتضَى
كم موظفٍ أفنى الحياةَ تفانيًا
يبني بحبٍّ ما سواك قد أعتلى
لكنْ إذا الظلمُ استبدَّ بفعلهِ
سقطَ الحماسُ، وأُطفِئَ المُرتجَى
يا أيها الموظفُ لا تيأسْ إذا
كنتَ الجسورَ وإنْ تقاذفتَ الرَّدَى
نزاهةٌ خلفَ الحقوقِ رقيبها
تُجلي الظلامَ وتنصرُ الحقَّ جَلَى
ووليُّ عهدِ المملكةِ سندٌ لمن
ظُلِمَ العطاءُ أو استُغِلَّ بمن بغى
محمدٌ يرفعُ رايةَ حقٍّ سامقٍ
لا فرقَ بينَ الكلِّ مهما الدهرُ قضى
فالعهدُ عهدُ المكرماتِ ومجدُنا
عدْلٌ يُضيءُ دروبَ أمجادِ الورَى
والمملكةُ أرسَتْ أسسًا راسخةً
بالحقِّ تُزهرُ والجهودُ قد احتفى
يا من تولّى منصبًا فليتّقِ
ربَّ السَّماءِ، فالحقوقُ لها الوفى
وليذكُرنَّ في الدُّنى أنكَ عادلٌ
تُزهى بكَ الأوطانُ طُولًا وعَرْضَا
فالعمرُ يمضي، والعدالةُ تَرتقي
تاريخَ أمجادٍ يُسَطّرُ في العُلَى
ختامُ شعري أنْ تظلَّ مملكتُنا
وطنًا يُعلّمُنا الحقوقَ وما ارتقى
سلمانُ تاجٌ فوقَ رأسِ قيادَةٍ
ومحمدٌ عزٌّ ودرعٌ من ضَرَى!