قوافل الصالحين تسير
بقلم: الدكتور عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
تسير قوافل الصالحين في رحلة الحياة، حاملة معها مشاعل النور والهداية، وهي لا تعرف الكلل أو الملل. تمضي بثبات على دروب الخير، مستمدة عزيمتها من الله سبحانه وتعالى، ومتوكلة عليه في كل صغيرة وكبيرة.
هؤلاء الصالحون، الذين جعلوا غايتهم رضا الله تعالى والدار الآخرة، قد أدركوا أن هذه الحياة محطة عبور، وأن السعادة الحقيقية ليست في متاع الدنيا وزينتها، بل في طمأنينة القلب وقربه من خالقه سبحانه وتعالى. تراهم يسعون إلى عمارة الأرض بالخير والبذل، حاملين رسالة الإسلام في أبهى صورها، رسالة حب وعدل وسلام.
الصالحون صادقون مع الله ومع أنفسهم؛ لا يطلبون المدح والثناء، بل يبتغون وجه الله عز وجل وحده. يعملون كالجسد الواحد، يسند بعضهم بعضًا، ويرعون ضعفهم قبل قوتهم. يزرعون الخير حيثما حلوا، وينشرون القيم النبيلة في مجتمعاتهم. لا تثنيهم المحن عن مسيرتهم، بل تزيدهم إصرارًا وثباتًا.
في ظل تزايد التحديات وتعدد الفتن ، تبدو المجتمعات في أمسّ الحاجة إلى قوافل الصالحين. فهم الذين يقودون مسيرة الإصلاح، ويساهمون في بناء الأوطان على أسس القيم والعدل. إنهم ينشرون العلم النافع، ويساهمون في تحقيق رؤية مجتمعات متماسكة تسودها الأخلاق والإنسانية.
وفي سياق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تُعد قوافل الصالحين لبنة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال مشاركتهم الفعالة في مبادرات التطوع، والتعليم، والخدمة المجتمعية.
رغم مسيرتهم المباركة، يواجه الصالحون تحديات من بعض الأفراد الذين يحملون الحقد والضغينة. هؤلاء الحاقدون يسعون لإيذاء الصالحين بشتى الطرق، محاولين عرقلة مسيرتهم وإثارة الفتن حولهم. وقد حذر الله سبحانه وتعالى من التعرض للمؤمنين والمؤمنات بغير حق، فقال:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 58].
كما جاء في الحديث القدسي: “من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب”، مما يدل على خطورة التعرض لأولياء الله وإيذائهم.
إن رسالة الصالحين اليوم تتجاوز حدود الفرد إلى العمل الجماعي المنظم، الذي يستثمر الطاقات ويوجهها نحو تحقيق الخير العام. وفي نهاية المطاف، تبقى الدعوة مفتوحة لكل من أراد أن يلتحق بهذه القوافل المباركة. فالسير على هذا الطريق ليس سهلًا، لكنه مكلل بالرضا والقبول الإلهي.
قال الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 105].
فلنمضِ على هذا الطريق المبارك، ولنكن من الذين يتركون بصمة خالدة في هذه الدنيا، وينالون بإذن الله تعالى الأجر فى الدنيا،ونعيم الآخرة.