النجاح رغم التحديات في بيئة العمل.

بقلم/هدى الحربي.
فور تخرجي من تخصص الإعلام، بات حلمي الحصول على وظيفة في مختلف الأماكن التي بحاجة إلى إعلاميين، لكن سرعان ما واجهت العقبة ذاتها في كل مرة – شرط سلامة الحواس- ، الذي حال دون تحقيق هذا الطموح بسبب الإعاقة البصرية.
في تلك اللحظات الصعبة، استحضرت قول الله تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرا لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.” حينها أدركت أن الأفق لا يُغلق عند طريق واحد، بل هناك مسارات أخرى قد تحمل الخير الذي لم أكن أراه.
وهنا، فتحت لي جمعية رؤية أبوابها، وقدمت فرصة حقيقية لممارسة العمل الإعلامي. بدأت بصناعة المحتوى، والتحرير في الصحف الإلكترونية، وتقديم البرامج، فاكتشفت أن هذا المجال ليس مجرد وظيفة، بل شغف متجدد ورسالة سامية. لم يكن بديلًا عن الوظيفة التي أطمح لها فحسب، بل أصبح طريقًا آخر لتحقيق الذات وإحداث تأثير حقيقي.
وضعت هدفًا واضحًا أمامي: أن تكون جمعية رؤية نموذجًا عالميًا، وأن أساهم في إبراز جهودها وإنجازات ذوي الإعاقة البصرية بطريقة مشرفة. سعيت من خلال الإعلام إلى إيصال صوتنا، وإثبات أن المكفوفين قادرون على العمل والتميّز في مختلف المجالات.
رغم ضغوطات العمل، كان الشغف يدفعني للاستمرار، فقد سخّرت وقتي وجهدي لخدمة ذوي البصيرة، وسعيت إلى تطوير مهاراتي الإعلامية لتقديم الأفضل وتمثيل الجمعية بالشكل الذي يليق بها. ورغم الدعم المستمر من قِبل الإدارة إلا أن التحديات كانت حاضرة، ففي أي بيئة عمل، سنجد من يؤمن بنا ويدفعنا للأمام، كما سنجد من يحاول التقليل من شأننا أو تهميشنا لإحباطنا.
لكنني لم أسمح لهذه العراقيل بأن تُثبط عزيمتي، بل جعلت منها دافعًا للاستمرار. لطالما آمنت بأن المكفوفين هم الأقدر على خدمة نظرائهم، لأنهم الأدرى باحتياجاتهم وتطلعاتهم. لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، لكنه علّمني أن النجاح الحقيقي لا يكمن في الوصول إلى القمة فحسب، بل في القدرة على الاستمرار والتطور رغم الصعوبات.
اليوم، وأنا أواصل رحلتي في الإعلام، أدرك أن الطريق لا يزال طويلًا، لكنه ممتلئ بالفرص التي تستحق السعي. سأظل أعمل من أجل إيصال رسالة ضعيفي البصر وفاقديه، لأن صوتنا يستحق أن يُسمع، وإبداعنا يستحق أن يراه العالم.
لا يزال الكثير من المكفوفين يخوضون معارك يومية في بيئات العمل، حيث يواجهون التحديات والتهميش رغم كفاءتهم وقدراتهم. إنْ تميزنا في العمل فذلك بفضل الله أولاً، ثم بفضل جهدنا وكفاحنا، فقد عانينا الكثير حتى وصلنا.
قد لا يكون الطريق سهلاً، لكن من يملك الإرادة لن يتوقف حتى يصنع أثره. نحن على يقين بأن الله لن يضيع جهدنا وسعينا، وحسن الظن به يقودنا دائماً إلى الخير، فكل عقبة هي طريق نحو تحقيق النجاح..