الحزن يولد ضخما لكنه يذوب

حنان الزهراني

كل شيء في الحياة يبدأ صغيرًا ثم يكبر. الطفل يصبح شابًا، البذرة تصير شجرة، الفكرة البسيطة تتحول إلى اختراع عظيم، وحتى المشاعر تنضج بمرور الزمن. لكن هناك استثناءً وحيدًا لهذه القاعدة: الحزن. حيث يبدأ ذو فجوه كبيره ثم يتلاشى إلى ان يختفي.
فالحزن لا ينمو تدريجيًا مثل الفرح، بل يقتحم القلب بكل ثقله دفعة واحدة، كأنه جبل هبط فجأة على الصدر، أو موجة عاتية اجتاحت شاطئ الروح. نشعر حينها وكأننا لن نتجاوزه أبدًا، وكأنه سيلتصق بنا إلى الأبد، يملأ أيامنا سوادًا ويخنق أنفاسنا.
لكن الزمن لديه طريقته في تهدئة العاصفة. مع مرور الأيام، تتآكل حواف الألم، ويبدأ القلب في التكيف.

لا يختفي الحزن فجأة، لكنه يتضاءل، يصبح مجرد ظل لما كان عليه. قد يبقى أثره، مثل ندبة خفيفة على جدار القلب، لكنه لا يعود بنفس القوة التي بدأ بها. لأننا نتأقلم، ولأن الإنسان بطبيعته يتعلم كيف يحتمل، ولأن الحياة لا تمنحنا خيار التوقف عند محطة واحدة. مع الوقت، نتقبل الواقع، نتعلم منه، ونبدأ في رؤية النور من جديد. أحيانًا، يكون في قلب الألم درس يجعلنا أقوى، وأحيانًا يكون مجرد مرحلة لا بد أن نعبرها.
قد نظن في لحظات الانكسار أن الألم لن يزول، لكنه يصغر مع كل يوم جديد، مع كل تجربة جديدة، مع كل خطوة نبتعد بها عن الماضي. وما دمنا نعيش، فهناك دومًا فرصة للشفاء، للأمل، وللبدء من جديد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى