عندما تنتقل القضية من قاضي الأرض إلى قاضي السماوات والأرض

 

المستشار انس محمد الجعوان

في هذه الحياة، قد نجد أنفسنا في مواقف تُسلب فيها حقوقنا، ويضيع فيها العدل بين أروقة المحاكم، إما بسبب خلل في الأدلة، أو تلاعب في الشهادات، أو فسادٍ في ميزان العدل البشري. قد يُحكم علينا ظلمًا، أو يُطمس الحق لصالح النفوذ والسلطة، فنتألم ونتساءل: أين العدل؟

لكن هناك لحظة فارقة، لحظة يدرك فيها المظلوم أن قضيته لم تعد بيد قاضٍ من أهل الأرض، بل ارتفعت إلى قاضي السماوات والأرض، الذي لا تخفى عليه خافية، ولا تغيب عنه دمعة عين، ولا آهة قلب. قاضٍ لا يحتاج إلى أدلة أو شهود، لأنه العليم بكل شيء، يعلم الظلم قبل وقوعه، ويسمع أنين المقهور حتى قبل أن ينطق به.

حينما تنتقل القضية إليه، لا تعود مسألة وقت، بل مسألة حكمة. فقد يُمهل الظالم ليزداد طغيانه، لكنه لا يُهمل، وقد يؤخر النصر ليكون أعظم وأشد وقعًا حين يأتي. وفي النهاية، فإن عدالة الله حتمية، وإن تأخرت في نظرنا، فهي تأتي في وقتها الذي يراه سبحانه الأنسب لحكمته.

لذلك، حين نشعر بالضعف وقلة الحيلة، فلنرفع أكفنا إلى السماء ونوكل أمرنا لمن لا يُظلم عنده أحد. فلا قاضٍ أعدل من الله، ولا حكم أصدق من حكمه، وإن كان العدل الأرضي ناقصًا، فإن عدالة السماء كاملة، شاملة، لا ينجو منها ظالم ولا يضيع معها حق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى