قصة وقصيدة :نجمة معشوقتي من عالم الجن (قصة قصيرة)

بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي
في قلب حائل المدينة الصاخبه، حيث تتداخل أضواء المدينة مع سكون الصحراء المترامية الأطراف، وجد فهد نفسه أسير حب فريد من نوعه. لم تكن معشوقته بشرًا من لحم ودم، بل كانت “نجمة”، جنية ساحرة تجسدت في صورة امرأة فاتنة الجمال.
بدأت علاقتهما بلقاء عابر في أحد المقاهي الهادئة. كانت نجمة تجلس بمفردها، يشع من عينيها بريق غامض يجذب الأنظار. لم يستطع فهد مقاومة سحرها، وبدأ بينهما حديث عذب تطور سريعًا إلى صداقة عميقة ثم إلى عشق جنوني.
كانت لياليهما حكايات ألف ليلة وليلة. كانت نجمة تأخذه في جولات سحرية فوق أسطح المنازل المتلألئة، تهمس له بأسرار الرياح والنجوم، وتطلعه على عوالم خفية لا يراها البشر. كان فهد يشعر وكأنه يعيش في حلم دائم، حيث تتلاشى الحدود بين الواقع والخيال.
لكن سعادتهما لم تدم طويلًا. بدأت تظهر علامات الاختلاف بين عالميهما. كانت نجمة تتلاشى أحيانًا فجأة، تاركة فهد في قلق وحيرة. كانت تتحدث عن قوانين عالمها التي لا يمكن تجاوزها، وعن ضرورة عودتها إلى حيث تنتمي.
ازداد تعلق فهد بنجمة يومًا بعد يوم، وأصبح فكرة فراقها أمرًا لا يطاق. حاول أن يفهم عالمها، أن يجد طريقة ليبقيا معًا، لكن محاولاته باءت بالفشل. كانت هناك قوة خفية تجذب نجمة بعيدًا، قانونًا أزليًا يحكم عالم الجن.
في ليلة مقمرة، جلسا للمرة الأخيرة على تلة رملية خارج المدينة. كانت نظراتهما مليئة بالحب والحزن. همست نجمة بصوت خافت: “يا حبيبي، عالمي ليس عالمك. يجب أن أعود.”
حاول فهد أن يتمالك دموعه، لكن قلبه كان يتمزق ألمًا. أمسك بيدها وقال: “لن أنساكِ أبدًا يا نجمتي.”
ابتسمت نجمة بحزن وقبلته قبلة أخيرة، ثم بدأت تتلاشى تدريجيًا، تتحول إلى ذرات من نور تتصاعد نحو السماء. بقي فهد وحيدًا في الظلام، يحمل في قلبه ذكرى حب أسطوري، وعشقًا لامرأة جاءت من عالم آخر، وتركت في حياته بصمة سحرية لن تمحى أبدًا.
ثم قال هذي القصيدة
من بعدك يا نجمة صرت ولا شي
كأن النور انطفى، وأظلم كل ضي
رحلتِ يا قمري، يا بهجة فؤادي
فأصبحتُ وحدي، أسامرُ وحدتي وبي
كنتِ الأمان، كنتِ الدفء في حياتي
واليوم، أعيشُ بردًا قارسًا في خفي
أين حديثكِ العذب، أين سكون ليلكِ؟
أين همساتكِ التي كانت سلوةً لي؟
تركتِ مكانًا خاليًا في روحي
فكل الأغاني حزينة، وكل اللهي
أصبحتُ طيفًا باكيًا في ذكراكِ
أسيرًا لشوقٍ لا يعرف المنتهي
يا نجمةً أشرقتِ ثم غبتِ فجأةً
كيف لقلبي أن يطيق هذا الكي؟
أعود بفكري إلى لحظات لقائنا
فأغرق في بحر من حنينٍ مضني
من بعد يا نجمة صرت ولا شي
وحيدًا أواجه أيامي ببطءٍ وعي.