المتجولون في الأسواق وإدمان الجوال: علاقة معقدة.

عبد العزيز عطية العنزي

في عالمنا الحديث، أصبحت الأسواق أكثر من مجرد أماكن للتبضع؛ فهي ساحات للتفاعل الاجتماعي والترفيه. ولكن، في خضم هذه الحركة والضجيج، نلاحظ ظاهرة متزايدة: المتجولون الذين يتجولون بأجسادهم في المتاجر، بينما عقولهم غارقة في شاشات هواتفهم الذكية. إنها علاقة معقدة بين فعل التجول المادي، والتجوال الرقمي الذي يسببه إدمان الجوال.
الجوال يغير وجه التسوق
في الماضي، كان التسوق تجربة حسية بالكامل. كنا نلمس الأقمشة، ونتفحص المنتجات، ونتحاور مع البائعين. اليوم، ومع انتشار إدمان الجوال، تحولت هذه التجربة. أصبح الكثير من المتسوقين يستخدمون هواتفهم لمقارنة الأسعار، أو البحث عن مراجعات للمنتجات، أو حتى للتواصل مع الأصدقاء أثناء وجودهم في المتجر. هذا السلوك يقلل من تفاعلهم مع محيطهم، ويجعلهم أقل وعيًا بما يدور حولهم.
التجول بلا هدف
يُعرف المتجولون في الأسواق بأنهم يتجولون بلا هدف واضح، يمرون من قسم إلى آخر بدافع الفضول أو التسلية. عندما يُضاف إلى هذه العادة إدمان الجوال، يصبح التجول أكثر سلبية. يتحول الفرد إلى “زومبي” يسير في الممرات، وعيناه مثبتتان على الشاشة. هو موجود في المكان جسديًا، لكنه غائب تمامًا عن اللحظة الحالية. هذا الغياب الذهني لا يؤثر فقط على تجربته الشخصية، بل قد يسبب إزعاجًا للمتسوقين الآخرين، أو حتى يعرضه لحوادث بسيطة.
الضياع بين عالمين
إن هذه الظاهرة تسلط الضوء على تحدٍ كبير نواجهه جميعًا: كيف نوازن بين عالمنا الواقعي وعالمنا الرقمي؟ كيف يمكننا أن نكون حاضرين في اللحظة، وأن نستمتع بالتجربة بشكل كامل، دون أن ننساق وراء الإدمان الرقمي؟ إن التخلص من عادة التجوال في الأسواق مع الهاتف الذكي يتطلب وعيًا ذاتيًا، وتحديدًا واضحًا للهدف من الذهاب إلى السوق.
في النهاية، التجول في الأسواق مع الهاتف الذكي ليس مجرد عادة سيئة، بل هو انعكاس لكيفية تأثير التكنولوجيا على سلوكياتنا اليومية. إنه دعوة للتفكير في كيف يمكننا استعادة سيطرتنا على أوقاتنا وتجاربنا، وأن نكون حاضرين في حياتنا بشكل كامل، سواء كنا في السوق، أو في أي مكان آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com