على مسرح الدنيا

 

بقلم : هيا عبدالجبار

جلستُ أرقب المشهد، وإذا بي ألتفت لأبحث عن الأفعى التي كانت تدور حولي، فإذا بها تنقضّ على إنسان كان يوشك أن يجلس بجانبي ليشاركني مشاهدة مسرحية العالم. تجمّد الدم في عروقي، بل قفزت من مكاني فزعًا حين رأيت فكيها يطبقان عليه حتى لم يبقَ منه سوى طرفٍ يختفي بين أنيابها السامة. عندها أدركت سرّ دورانها حولي، وحمدت الله أنني كنت بعيدةٍ عن مصيرٍ كهذا.

وما لبث الستار الأسود أن انحسر، حتى انكشف مشهد آخر: إنسان وحيد قد انتبذ مكانًا قصيًا، ساجدًا لله، باكيًا متضرعًا في سكون الليل. رأيت دموعه تغسل وجهه الوضاء، وروحه الطاهرة تُضيء عتمة المكان. كان صوته المرتعش بالعبرات كأصداء أجراسٍ بعيدة، حتى جاءه صوت خفيّ يطمئنه: لا تخف ولا تحزن. فهدأت روحه وغلبه النعاس، مستسلمًا لحلم الأمل الموعود.

تلفتُّ باحثة عن الأفعى، فإذا بها تحدّق فيّ بنظراتٍ طويلة، فقلت في نفسي: لعلّ ذاك الإنسان الذي ابتلعته كان يضمر لي شرًّا، فوقع في شرّ عمله. وربّ ضارّة نافعة، كما يقولون.

وبينما أنا أتأمل الأفق الملبّد بالضباب، إذا بعيون زرقاء تهوي من السماء كالمطر، لكنها لا تُنبت حياة، بل تحرق البيوت والشجر والبشر. تتصدّع الجدران وتتفحم الأرواح، وإذا بإحدى تلك العيون الشريرة ترميني بسهمها، فيصيب طريقي، ويجرح مستقبلي. غير أنّ لطف الله نزل عليّ، فنجوتُ، لكنني أكملت سيري بلا مستقبل.

وهناك، ظهر إبليس اللعين، يعتلي عرشه بضحكاته المدوية، ووجهه القبيح يتلألأ خُبثًا. أمر الحسد الكامن في عينيه أن يخرج بجيشه من العقارب والأفاعي، ليغزو بيوت بني آدم ويزرع السموم بين الأقارب والأحباب والأصدقاء. انحنى الحسد له سمعًا وطاعة، وأقسم على الوفاء لإبليس حتى قيام الساعة. ومنذ ذلك الحين، انتشرت الحرب الخفية في كل مكان، حرب إبليس الأبدية على الإنسان.

انتظرونا في مشهدٍ قادم ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com