حوار مع الكاتبة إيمان المغربي حول كتابها الجديد «تأملات مبعثرة»

أجرى الحوار: عبدالعزيز عطية العنزي
في زمنٍ تتسارع فيه الأصوات وتتنافس الكلمات على الظهور، تبقى هناك أقلامٌ تكتب بصمتٍ يشبه الصلاة، تنسج الحرف من نور التأمل وصدق الشعور.
الكاتبة إيمان المغربي واحدة من تلك الأصوات التي تُحسن الإصغاء لنداء الروح قبل أن تكتب، فتأتي نصوصها مضمخة بالصفاء، عميقة المعنى، ناعمة الحضور.
في كتابها الجديد «تأملات مبعثرة»، الصادر عن دار متون للنشر، تفتح لنا نافذة على عالمها الداخلي، حيث تمتزج التجربة بالحلم، والوجدان بالفكر، في لوحاتٍ أدبية تعكس دهشة الأنثى وحنين الإنسان.
كان لنا معها هذا الحوار، لنقترب أكثر من تلك الروح التي تكتب كما تتنفس — بهدوءٍ وصدق.
في البداية، حدثينا عن فكرة كتابك «تأملات مبعثرة»، وكيف وُلد هذا العمل؟
«تأملات مبعثرة» هو نتاج لحظات صمت طويلة كنت أتحاور فيها مع ذاتي، أدوّن ما يختلج في داخلي من مشاعر وتأملات حول الحياة والإنسان. لم يكن الكتاب مشروعًا فكريًا بقدر ما كان حالة وجدانية، خرجت من عمق التجربة الإنسانية، ومن حوارات داخلية لا تنتهي بين القلب والعقل.
ما الذي يميّز هذا الكتاب عن أعمالك السابقة؟
ربما الصدق في النغمة التي يحملها. في «تأملات مبعثرة» لم أكتب لأقنع أحدًا، بل لأصالح نفسي. هو كتاب يفيض من القلب بلا قيود، يجمع بين النثر والشعر والتأمل، وبين الحلم والوجع، كأنه دفتر روح لا يخضع لقوانين الأدب التقليدية.
عنوان الكتاب يحمل شيئًا من الغموض والجمال، لماذا اخترتِ «تأملات مبعثرة» تحديدًا؟
لأننا جميعًا نحمل في داخلنا تأملات مبعثرة، أفكارًا لا نُكملها، ومشاعر لا نُفصح عنها. هذا العنوان يشبهني ويشبه قارئي. أردته صادقًا، بسيطًا، وعميقًا في الوقت ذاته، تمامًا كالحياة التي نعيشها بين التشتت والبحث عن المعنى.
ما الدور الذي تلعبه الكتابة في حياتك؟
الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، بل حياة موازية. هي طريقتي في فهم نفسي والعالم من حولي. أكتب لأرتّب فوضاي، ولأتنفس. أحيانًا تكون الكلمة هي المنقذ الوحيد من الغرق في صمتٍ طويل.
كيف ترين المشهد الأدبي السعودي اليوم؟
المشهد الأدبي في المملكة يشهد نهضة حقيقية، خصوصًا مع الدعم الكبير من وزارة الثقافة والهيئات المعنية. هناك أقلام شابة مبهرة، ووعي متنامٍ بأهمية الأدب في التعبير عن الذات والهوية. فقط ما نحتاجه هو الاستمرارية والنقد البنّاء.
هل هناك رسالة خاصة أردتِ إيصالها من خلال هذا العمل؟
نعم، أن الإنسان يجب أن يصغي لصوته الداخلي، وأن يمنح نفسه مساحة للتأمل. فالحياة ليست سباقًا، بل رحلة تأمل ووعي. أردت أن أقول إن الجمال في التفاصيل الصغيرة، وإن البساطة أحيانًا أكثر عمقًا من التعقيد.
ما جديدك القادم بعد «تأملات مبعثرة»؟
لديّ مشروع أدبي جديد ما زال في طور الفكرة، يحمل مزيجًا من القصص القصيرة والتجارب الوجدانية. أحب أن أمهل النص الوقت الكافي لينضج، لذلك لا أستعجل في النشر.
كلمة أخيرة لقرّائك ومتابعيك.
أقول لهم: اقرأوا بقلوبكم قبل عيونكم، ودعوا الكلمة تلامسكم كما لو كانت مرآة لذواتكم. فكل حرفٍ كتبته في «تأملات مبعثرة» كان منكم وإليكم.



