من معلم إنكليزية إلى حرفي في “بنان”…أحمد الشريف يبرز نتاج هوايته

ربيعة الحربي_الرياض
في ركن هادئ من أركان فعالية “بنان”، وقف أحمد الشريف محاطًا بقطع خشبية منحوتة بعناية، لكن ما لفت الزوار أكثر من الأعمال نفسها هو صاحبها، معلم لغة إنكليزية في المرحلة المتوسطة، وجد في الخشب هواية جانبية تحوّلت مع الوقت إلى شغف لا ينفصل عن يومه. وبين فصول المدرسة وورشته الصغيرة، يعيش أحمد حياة مزدوجة تجمع بين التعليم وصناعة الحرف، وبين قواعد اللغة وقواعد تشكيل الخشب.

بدأت القصة قبل أربع سنوات فقط، حين حمل قطعة خشب بدافع الفضول، وجرب أن يصنع منها مبخرة بسيطة. لم يكن يتوقع أن هذا التجريب العابر سيصبح عادة يومية، وأنه سيقضي لاحقًا من ثلاثة إلى أربعة أيام في تشكيل قطعة واحدة، يمنحها من الصبر والدقة ما يجعلها تحمل بصمته الخاصة.
شيئًا فشيئًا توسعت محاولاته، فانتقل من المباخر إلى الصناديق الصغيرة، ومنها إلى النحت والخراطة، ثم إلى ابتكار أشكال تمزج التراث بالحاضر وتلائم ذائقة الشباب.
ورغم أن أحمد يعمل وحده تمامًا، دون تدريب مهني أو ورش رسمية، إلا أن خبرته تضاعفت عبر التجربة والخطأ. يقول إن الخشب نفسه كان “المدرّس” الحقيقي في هذه الرحلة، وإن كل قطعة منحته درسًا جديدًا في الملمس، والاتجاه، والتوازن، واللمسة الأخيرة. ومع ذلك، ظل يعتبر الأمر هواية خاصة يمارسها بعد انتهاء يومه الدراسي، قبل أن تأتي مشاركته في “بنان” كأول تجربة له داخل معرض عام.
وفي فعالية بهذا الحجم، اكتشف أحمد قيمة ما يصنعه. فقد وقف الزوار طويلاً أمام أعماله، يسألونه عن مراحل الخراطة، وعن كيفية دمج العناصر التراثية في التصميم، وعن أكثر القطع التي يقبل عليها الناس — وكانت قواعد القهوة هي الأكثر طلبًا بوضوح. هذا التفاعل المباشر، كما يقول، منحه يقينًا بأن ما بدأ كهواية يُمارسها في المساء بعد حصص المدرسة يمكن أن يتحول إلى مسار مهني موازٍ، وربما أكبر.
وتحمل أعمال أحمد تنوعًا لافتًا بين مباخر متقنة، صناديق صغيرة بتشطيبات دقيقة، قطع نحتية تجمع بين الروح التقليدية والشكل العصري، وقواعد للقهوة مصممة بما يعكس أصالة المجالس القديمة. ورغم أن إنجاز أي قطعة يحتاج بين ثلاثة وأربعة أيام، إلا أنه يصر على ألا يتنازل عن التفاصيل، معتبرًا أن الزمن جزء من قيمة المنتج الحرفي، وأن استعجال العمل يغيّب روحه.



