العُلا.. حيث يكتب التاريخ فصوله على الصخور

حنان البكري _ العلا
في شمال غربي المملكة، حيث تمتد الجبال الرملية و ترتفع التكوينات الصخرية كصفحات مفتوحة من كتاب التاريخ، تحافظ العلا على مكانتها كوجهة تحتضن مزيجًا فريدًا من التراث العريق و الطبيعة الخلابة، حيث يبدو الزمن و كأنه ينساب ببطء بين الواحات الخضراء و البيوت الطينية العتيقة التي تحكي حكايات مضت و ظل أثرها حاضرًا في وجدان المكان .
و مع دخول موسم الشتاء، بدأت العلا تستقبل زوارها عبر سلسلة من التجارب التي تعيد سرد تاريخها الممتد، و تكشف تنوعها الثقافي و الجغرافي في صورة تجعل من كل زيارة رحلة لا تُنسى.
في البلدة القديمة، تتخذ الحكاية شكلًا آخر؛ يبدأ الزائر جولته من فندق “دار طنطورة”، لينطلق صعودًا عبر السلالم الحجرية نحو القلعة التاريخية المطلة على بيوت الطين ومزارع النخيل الممتدة.
و مع بدايات فعاليات شتاء طنطورة هذا العام، يزداد المكان حيوية وحضورًا ثقافيًا يعيد إحياء تفاصيل الحياة القديمة؛ حيث يروي المرشد المختص قصصًا تناقلها أهالي العلا عن البيوت الطينية و احتفالات الحصاد والعادات التي توارثتها الأجيال.
و مع اقتراب المساء، يتداخل وهج الغروب مع خضرة الواحة ليصنع مشهدًا بصريًا يأسر الروح و يستحضر ذاكرة المكان عبر قرون مضت.
و تمتد الرحلة إلى الحِجر؛ أول موقع سعودي أُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث يقف الزائر أمام المقابر المنحوتة في الصخور، و يستمع إلى حكايات الحضارة النبطية التي تركت بصمتها العميقة في صخور المكان.
و مع كل واجهة حجرية، تتكشف تفاصيل دقيقة من فن العمارة القديم، و تبرز النقوش التي خلدت حياة الأنباط وثقافتهم.
و تتيح العلا للزوار تجربة مختلفة عبر جولة صوتية تفاعلية بخمس لغات، أو من خلال جولات بسيارات لاندروفر كلاسيكية تمنح الرحلة لمسة من المغامرة و الخصوصية.
و في وادي عِشار، تتجلّى إحدى أجمل بيئات العلا الطبيعية، حيث يحتضن الوادي مجموعة من أرقى المنتجعات و أفخم المطاعم التي تمنح الزائر تجربة فاخرة متكاملة.
وفي قلب هذا المشهد، تتلألأ قاعة مرايا؛ التحفة المعمارية التي أصبحت رمزًا عالميًا للفنون و الثقافة، بواجهتها العاكسة للصخور الرملية المحيطة.
هنا يتعرّف الزوار على تفاصيل هذا المبنى الفريد الذي استضاف أبرز الفعاليات و الحفلات العالمية، في مشهد يزاوج بسلاسة بين جمال الطبيعة و ابتكار التصميم الحديث.
و مع أجواء الشتاء الموسمية، تزداد العلا بريقًا مع أمسيات موسيقية تحتضنها قاعة مرايا، حيث يعود الفنان وائل كفوري في ليلة كلاسيكية تمتزج فيها الرومانسية مع رصانة الأداء، فيما تستعد الفنانة إليسا لتقديم حفل ترافقها فيه أوركسترا نسائية كاملة؛ ليعيش الجمهور أمسية موسيقية تتناغم فيها النغمات مع جمال العلا وبرودة أجوائها الشتوية.
و لا تكتمل الحكاية من دون محطة رياضية تجمع الفخامة بروح الصحراء؛ ففي بطولة العلا لبولو الصحراء، يتوافد نخبة من الفرسان العالميين إلى ميادينها الرملية، في فعالية تمتزج فيها المنافسة بالأناقة وتستكمل بأنشطة ترفيهية وتجارب طعام راقية تجعل من الحدث تجربة متكاملة للزوار من جميع الأعمار.
و تتواصل التجارب الثقافية هذا الموسم مع مهرجان الممالك القديمة الذي انطلقت فعالياته مؤخرًا، وتتصدّره تجربة “طريق البخور” الحائزة على جائزة أفضل تجربة ثقافية وفنية في جوائز الفعاليات السعودية.
و يعيش الزائر هنا رحلة تفاعلية تستعيد تاريخ التجارة القديمة التي ربطت العلا بالعالم القديم، عبر مسار يقدم سردًا بصريًا حديثًا و آسرًا.
و في إطار دعم تجربة الزائر وتعزيز حضور الوجهات السياحية في المملكة، أعلنت الهيئة السعودية للسياحة عن إطلاق منصة العروض السياحية “جيناك بزود” ضمن برنامج شتاء السعودية. وتجمع المنصة أكثر من 100 شريك من القطاع الخاص، يقدمون باقات وخصومات حصرية على رحلات الطيران، وتذاكر الفعاليات، والفنادق، وغيرها من خدمات السفر، عبر مبدأ “الخصومات المضاعفة” الذي يمنح المسافر مزيدًا من القيمة كلما توسعت حجوزاته، كما توفر المنصة خيارات موسعة لتجارب العلا وفعالياتها الشتوية، مما يجعل التخطيط للرحلات أكثر سهولة و مرونة.
و هكذا، تستمر العلا في رسم مشهد متجدِّد في كل موسم، يحمل ملامح الماضي العريق وروح الحاضر المزدهر؛ من البلدة القديمة إلى واجهات الحِجر التاريخية، ومن مرايا التي تعكس جمال الصحراء إلى بطولات البولو والتجارب الثقافية التي تمنح زوّارها رحلة تتجاوز حدود المكان و الزمان.



