قبلة وراء حافة الكوب

عبدالعزيز عطيه 

لماذا أشعر بهذا كلما رفعتُ الكوب؟

هل مجرد رشفةٍ تُربكني هكذا؟

أم أن الحافة… تحمل سرًّا أعرفه ولا أعترف به؟

أضع شفتيّ عليها،

فأتوقف:

هل هذه قبلة؟

لا… ليست قبلة.

لكن لماذا يشبه ملمسها شفتيها؟

ولماذا يعود ذلك الخدر الصغير

الذي كنت أظنه ‬في ذاكرتي فقط؟

أقول لنفسي:

اهدأ… إنه كوب شاي،

مجرد كوب.

لكنّ صوتًا خافتًا بداخلي يهمس:

وهل القبلة تحتاج فمًا آخر كي تحدث؟

أليست القبلة… شعورًا قبل أن تكون تماسًا؟

كل مرة أقترب من الكوب

كأنّي أقترب من سؤالٍ قديم،

سؤالٍ يرفض أن يُطرح بصوتٍ واضح:

هل اشتقت لها؟

أم اشتقت لذلك الارتباك الذي كانت تتركه في صدري؟

أرتشف…

لكنّي أشعر أن شيئًا آخر يُرتشف في اللحظة ذاتها.

شيء يشبهني… ولا يشبهني.

شيء يذكّرني بها

بطريقة هادئة

جريئة

وخبيثة في الوقت نفسه.

أقول لنفسي:

هل الأشياء تحفظ اللمسات؟

هل تحمل الحافة أثرها؟

أم أنني أنا من أصرّ على إيجادها

في كل ما ألمسه؟

أضحك قليلًا… في داخلي فقط.

ثم أعود وأرفع الكوب مجددًا،

وأسمع نفسي تهمس:

ها نحن نعود…

قبلةٌ أخرى وراء حافة الكوب،

قبلةٌ لا تحدث

وتحدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى