فلسفة الجمال والكتابة الإبداعية: جدلية الوجود والتشكيل

 

بقلم/ مضاوي دهام القويضي

إن **الجمال** ليس مجرد صفة حسية تلامس العين أو الأذن، بل هو مفهوم وجودي عميق، يتجذر في صميم الفلسفة بوصفه بحثاً أزلياً عن الانسجام والكمال. في رحاب الفلسفة، يتأرجح الجمال بين الموضوعية المطلقة التي رآها أفلاطون في “المُثل”، والذاتية النسبية التي تجعله رهناً لتجربة المتلقي، كما في فكر كانط. لكن في كلتا الحالتين، يظل الجمال هو القوة التي تكسر رتابة الواقع وتوقظ الروح، وهو ما يمنح الوجود معناه الأسمى.

هنا يبرز دور **الكتابة الإبداعية** كأداة تشكيلية بامتياز. فالكاتب، بصفته مهندس اللغة، لا يصف الجمال فحسب، بل يخلقه. إنه يمارس فعل “التكوين” الفني، حيث تتحول الكلمات من مجرد رموز إلى جسور معرفية وعاطفية. من خلال السرد والشعر، يتمكن المبدع من استخلاص الجمال من قبح الحياة، أو الكشف عن جماليات خفية في التفاصيل اليومية. الكتابة الإبداعية هي الوعاء الذي يصب فيه الفيلسوف رؤيته للجمال، محولاً الفكرة المجردة إلى تجربة حية وملموسة، مؤكداً أن الجمال الحقيقي يكمن في قدرتنا على إعادة صياغة العالم وفهمه بعمق أعمق. إنها فعل إنساني خالص يثبت أن الوجود يكتمل بالتشكيل الفني.

كاتبة سعودية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى