القراءة… الصديق الذي لا يخذل

لمياء المرشد
قد نبتعد عن القراءة أيامًا، وربما شهورًا، وقد تسرقنا مشاغل الحياة وضجيجها من تلك العادة النبيلة التي كانت يومًا ملاذنا الأول. نغلق الكتاب لا لأننا مللنا، بل لأن الوقت أثقل أيدينا، ولأن النفس أرهقها الركض خلف التفاصيل. ومع ذلك، تبقى القراءة مختلفة عن كل ما نغادره؛ فهي لا تعاتب، ولا تُخاصم، ولا ترحل.
القراءة لا تنكسر حين نتركها، بل تجلس بهدوء على رفٍ قريب من القلب، تنتظر تلك اللحظة التي نعود فيها كما كنا: شغوفين، متلهفين، نبحث عن سطر يعيد ترتيب أرواحنا. لا تطالبنا بتبرير الغياب، ولا تسأل عن طول الفراق؛ يكفيها أن نفتح الصفحة الأولى لتحتوينا من جديد.
من يترك القراءة لا يخسرها، بل يؤجل لقاءه بنفسه. فالكتب لا تُقرأ فقط، بل تُعاش، وتُشبهنا في لحظات ضعفنا وقوتنا، في انكسارنا ونضجنا. وحين نعود إليها، نكتشف أنها ما زالت تحفظ مكاننا بين السطور، وكأنها تقول: تأخرتِ، لكنك وصلتِ.
القراءة وفاءٌ نادر؛ تمنحك أكثر مما تطلب، وتنتظرك مهما طال الغياب. هي الحبّ الذي لا ينتهي بالفقد، ولا يبهت بالزمن، بل يزداد عمقًا كلما عدنا إليه بصدق. لذلك، لا تخف من الابتعاد المؤقت، فالكتب لا ترحل… هي فقط تنتظر عودتك
وقفة
الوقوع في حبّ القراءة أسهل؛ فهي لا تتركك أبدًا، بل تنتظر عودتك فقط.



