بيئي يُنصت إلى دبيب الأشعار و وشوشة الأشجار

إيمان سندي – المدينة المنورة
تصوير: صبيحة إلياس
في هدوء الظِّلال وجلال الحرف، وفي ليلةٍ سُقيت بماءِ الشعر، وتدثرت برداءِ الخُضرةِ البهي، أقام “فريق بيئي التطوعي” في رحاب “مقهى حبر” سيمفونيةً بصريةً ولغويةً تحت وسم “أشعار بين أغصان الأشجار”
حيث تعانق عبيرُ الكلمة مع أنفاسِ التربة، لتمتزج خُضرة الأرض بعذوبة القوافي.
عاش الحاضرون رحلةً شعوريةً غاصت في جذور الأرض وحلقت في فضاءات الخيال، بقيادة ثنائية متناغمة جمعت بين القائد أيمن عرفة، والمدير التنفيذي للفريق عادل بخش.
وبصوت يملؤه اليقين، افتتح بخش اللقاء مرتقيًا بالحاضرين من تفاصيل الأرض إلى لون الجنة، مستحضرًا آيات النعيم حيث الفاكهة والنخل والرمان.
لم يتحدث عن الزراعة كمهنة بل كرسالة حب، فبسط للنا “أسرار التعقيل” ذلك الفن من الزراعة حيث يُنزع الورق ليقوي الجذر،
وكأنما يخبرنا أن العطاء الحقيقي يبدأ من الأعماق لا من المظاهر.
وبأنامله التي تألف التراب، رسم خارطةً للطريق تبدأ من اختيار “الأصيص” كبيتٍ آمن، وصولاً إلى عمق الحفرة التي تحتضن حلم البذرة قبل بزوغها.
وعلى ضفاف القافية، وقف قائد الفريق أيمن عرفة ليؤكد أن الشاعر ما هو إلا مرآة لبيئته، يعكس صمود النخلة وليونة الغصن في قصائده.
وأوضح عرفة أن النبات في الشعر ليس مجرد خضار بل هو رمزية حية؛ فالغصن في لغة الشعراء هو أيقونة الليونة والشباب والاعتدال، بينما الورد هو الحياء المتجسد في الوجنات والجمال.
وفي لحظة تجلٍّ أدبية، حين تلا عرفة رائعة “موقف الرمال” لساحر الكلمة “محمد الثبيتي”، خيم الصمت إلا من صوته وهو يشدو: “أنت والنخل طفلان”، فصار الحضور جميعاً أطفالاً يصادقون الشوارع ، والمزارع ، والبلابل وهديل الحمام، في تحالف أبدي مع الطبيعة والجمال.
ولأن الجمال يحتاج عيناً ترعاه، تُوّج اللقاء في لحظة من الامتنان لشركة “زووم للبصريات”؛ الشريك الذي أطلق مع الفريق
شعار: “نبصر بيئتنا ونخدم مجتمعنا”.
وفي كلمة مقتضبة ومؤثرة، عبر ممثل الشركة المهندس أمير صقر عن فخره بهذه الشراكة، مؤكداً على الترابط الوثيق بين سلامة الأبصار والاستمتاع بجمال الخضار.
ومع سكونِ الوشوشاتِ الأخيرة بين القصيدِ والشجر، كفت القصائد عن همسها في أذن الغصون، لكنَّ صداها ظلَّ عالقاً في الروح كأريج ياسمينٍ أبى أن يغادر كفَّ صاحبه.
انفضَّ الجمعُ وبقيَ الأثرُ ممتدًا ، بانتظار فجرٍ جديد يجمعنا تحت ظلال الحرف وخُضرة الأرض.




