الألعاب الإلكترونية.. بين التسلية والمخاطر الخفية

 

✍️ بقلم: المهندس محمد هاشم البدرشيني

متخصص في الأمن السيبراني

في زمنٍ أصبحت فيه الأجهزة الذكية جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرّد وسيلة للتسلية فحسب، بل تحوّلت إلى عالمٍ متكاملٍ يجذب الأطفال والمراهقين لساعاتٍ طويلة من التفاعل والانغماس.

ورغم ما تحمله من جانبٍ إيجابي كتنمية المهارات الذهنية وسرعة الاستجابة، إلا أن مخاطرها — حين تُستخدم بلا وعي أو رقابة — قد تمتد لتؤثر في السلوك، والصحة، وحتى الأمن الشخصي للطفل.

🎮 مخاطر متعددة.. وأثر عميق

تبدأ المخاطر من السلوك العدواني والعزلة الاجتماعية، إذ تُعوِّد بعض الألعاب الطفل على العنف والمنافسة غير الصحية، مما ينعكس سلبًا على تفاعله مع أسرته ومجتمعه.

أما الإدمان الرقمي فقد بات ظاهرة مقلقة، حيث يعيش بعض الأطفال في عزلةٍ نفسية تُبعدهم عن الواقع وتؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي وفقدان التركيز.

ولا تتوقف الخطورة عند هذا الحد، فهناك أبعاد صحية خطيرة مثل ضعف النظر وآلام المفاصل والسمنة بسبب قلة الحركة، إضافة إلى اضطرابات النوم الناتجة عن السهر الطويل أمام الشاشات.

أما من الناحية التقنية، فهناك تهديدات سيبرانية حقيقية؛ إذ تتيح بعض الألعاب التواصل مع غرباء حول العالم، ما يفتح الباب أمام التنمّر الإلكتروني أو محاولات الاستدراج والابتزاز، فضلًا عن تسريب البيانات الشخصية أو استغلالها تجاريًا دون وعي الطفل أو أسرته.

🧩 البدائل الآمنة والحلول الواقعية

المنع الكامل ليس حلاً، بل الوعي والتوازن هو الأساس.

يجب أن نمنح أبناءنا مساحة للعب، لكن ضمن حدودٍ زمنيةٍ واضحة وتحت رقابةٍ ذكية.

فهناك أدوات رقمية يمكن أن تساعد الوالدين مثل:

(Google Family Link – Apple Screen Time – Qustodio)،

تتيح مراقبة وقت اللعب والمحتوى وتحديد أوقات الاستخدام.

كما أن من المهم تشجيع الأطفال على الأنشطة الواقعية:

كالرياضة، والفنون، والبرمجة التعليمية، والروبوتات، ومشاريع الذكاء الاصطناعي المبسطة.

هذه البدائل تغرس فيهم روح الإبداع والانتماء، وتقدّم المتعة في إطارٍ آمنٍ وبنّاء.

🌿 دور الأسرة والمجتمع

تبدأ الوقاية من داخل المنزل، بالحوار الهادئ والتثقيف المستمر.

على الآباء والمربين أن يزرعوا في الطفل الوعي الرقمي منذ الصغر،

وأن يُعلّموه كيف يحمي نفسه من الغرباء، ولا يشارك بياناته أو صوره أو موقعه مع أي شخص.

كما ينبغي للمؤسسات التعليمية والمجتمعية أن تُطلق برامج توعوية مشتركة تجمع بين الجانب التقني والتربوي،

فحماية الطفل ليست مسؤولية الأسرة فقط، بل مسؤولية مجتمع بأكمله.

🛡️ ختامًا

الألعاب الإلكترونية عالمٌ لا يمكن تجاهله،

لكننا نستطيع أن نحمي أبناءنا منه بالعقل والوعي لا بالخوف والمنع.

فكما نُعلّم أبناءنا كيف يعبرون الطريق بأمان،

علينا أن نُعلّمهم أيضًا كيف يعبرون الإنترنت بوعيٍ وأخلاقٍ ومسؤولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com