الإنفاق ليس مالًا فقط

✍️ بقلم: إبراهيم النعمي
عندما نسمع كلمة “الإنفاق”، يتبادر إلى أذهاننا المال أولًا، وكأن العطاء لا يتحقق إلا من خلال الجيوب.
لكن التأمل في قول الله تعالى:
“لينفق ذو سعةٍ من سعته” [الطلاق: 7]
يُعيد ترتيب مفاهيمنا ويهزّ قناعاتنا المألوفة.
فالله لم يقل: “لينفق ذو مالٍ من ماله”، بل قال: “ذو سعة”، والسعة هنا تشمل كل ما وسّع الله به على عباده، من رزقٍ أو علمٍ أو خلقٍ أو وقتٍ أو قدرة على الإصلاح أو حتى دفء الشعور والاهتمام.
إنها آية تفتح لنا أبواب العطاء، وتُعلّمنا أن الإنفاق أوسع وأشمل من المال، وأن الخير يمكن أن يُبذل بأبسط الأشياء، متى ما صَفَت النية وحَضَر القلب.
فمن وسِعَهُ الله بالكلمة الطيبة، فليُنفق منها،
ومن وسِعَهُ الله بالبشاشة، فليمنحها لوجوهٍ أثقلها الهم،
ومن وسِعَهُ الله بالوقت، فليبذله في معاونة الضعفاء أو الإصغاء لمن لا يجد من يسمعه.
ومن وسِعَهُ الله بالعلم، فليُعلّمه وينشره.
ومن وسِعَهُ الله بالحكمة، فليُصلح بين الناس، ويُطفئ نيران الفتن.
ومن وسِعَهُ الله بالقدرة على جبر الخواطر، فليجبرها، فإنها عبادة لا يوفق إليها إلا من أحبّه الله.
حتى الدعاء بظهر الغيب هو نوع من الإنفاق… بل هو من أصفى أشكال العطاء، حين تبذل لله دون انتظار كلمة شكر أو مقابل.
إن مفهوم الإنفاق في الإسلام لا ينحصر في جيب ممتلئ، بل في قلب ممتلئ بالرحمة، وفكر منشغل بخدمة الآخرين، وروح تُدرك أن ما تملكه، أياً كان، يمكن أن يكون سببًا في تفريج كربة انسان محتاج.