الصحن الذي تكثر عليه الملاعق

بقلم: لمياء المرشد
ليست كل الموائد تُغري، ولا كل الصحون تستحق أن نمدّ إليها أيدينا. هناك صحن يكثر عليه الزحام، تتسابق إليه الملاعق، وتعلو حوله الأصوات، لكنه — في الحقيقة — لا يُشبع أحدًا. يملأ العيون ضجيجًا، والقلوب فراغًا.
تعلمت أن أترك مثل ذلك الصحن وأمضي، حتى وإن نمتُ جائعًا. فـجوع الكرامة ألذّ من شبعٍ ملوثٍ بالمزاحمة، وأغلى من فتاتٍ يُرمى على طاولة لا تليق بي.
ليست العزّة في الامتلاك، بل في الانتقاء. ليست في التجمّع حول ما كَثُر، بل في الابتعاد عمّا فقد قيمته من كثرة الأيدي عليه. فالعاقل لا يقتات على الفتات، ولا يُزاحم على موائد لا تليق بحضوره.
“والصحن الذي تكثر عليه الملاعق أتركه وأنام جعان”…
سطر بسيط، لكنه بحر من المعاني.
يعلمنا أن نختار كرامتنا قبل رغباتنا، وأن نفضل النوم بجوعٍ عابر على الاستيقاظ بندم دائم .
أنا عمري ماحطيت عيني على حاجة احد حتى حاجتي لما لقيت عليها
زحمه تركتها.