تركي عبدالله العويس: رائد الخط العربي الذي سطر الجمال إبداعًا.

عبدالعزيز عطيه العنزي
في عالم الخط العربي الساحر، يبرز اسم الفنان تركي عبدالله العويس كقامة شامخة، كخطاطٍ وهب حياته وأبدع ريشته لخدمة هذا الفن الأصيل. مسيرة فنية حافلة بالإنجازات والابتكارات، جعلت منه علامة فارقة في المشهد الخطّي السعودي والعربي، ومرجعًا يُقتدى به في جماليات الحرف العربي.
لم يكن عشق تركي العويس للخط مجرد هواية عابرة، بل كان شغفًا عميقًا وتفانيًا مطلقًا لهذا الفن العريق. منذ بداياته، أظهر موهبة فذة وحسًا جماليًا رفيعًا في التعامل مع الحروف، وسرعان ما انطلق في رحلة تعلم وتدريب مكثف على يد كبار الخطاطين، ليتقن أصول وقواعد الخط العربي بأنواعه المختلفة.
تميز أسلوب تركي العويس بالجمع بين الأصالة والمعاصرة. فهو يتقن الخطوط الكلاسيكية ببراعة وإتقان، محافظًا على جمالياتها وقواعدها الراسخة، وفي الوقت نفسه، يمتلك جرأة في التجديد والتعبير عن رؤيته الفنية الخاصة من خلال هذه الحروف. تتجلى في أعماله لمسات إبداعية فريدة، سواء في تركيب الحروف وتوزيعها على المساحات، أو في استخدام الألوان والخامات، مما يضفي على خطوطه روحًا عصرية دون المساس بجوهرها الأصيل.
لم يقتصر إبداع تركي العويس على اللوحات الفنية فحسب، بل امتد ليشمل مجالات متنوعة، حيث وظف جماليات الخط العربي في تصميم الشعارات، والهويات البصرية، والأعمال المعمارية، والمطبوعات المختلفة.
لقد أدرك القيمة الجمالية والتعبيرية للحرف العربي، وسعى لدمجه في مختلف جوانب الحياة المعاصرة، ليؤكد على حضوره وأهميته في عالم يشهد تطورات متسارعة.
إضافة إلى إبداعه الفني، كان لتركي العويس دور ريادي في نشر ثقافة الخط العربي وتعليمه للأجيال الجديدة. من خلال ورش العمل والدورات التدريبية والمعارض التي أقامها، استطاع أن يلهم الكثيرين ويشجعهم على تعلم هذا الفن الأصيل والمحافظة عليه. لقد كان مؤمنًا بأن الخط العربي ليس مجرد وسيلة للكتابة، بل هو تعبير عن الهوية والثقافة والجمال الروحي.
إن مسيرة الفنان تركي عبدالله العويس هي قصة عشق وتفانٍ لفن الخط العربي. إنه فنان استطاع بعبقريته وإصراره أن يرفع من شأن هذا الفن، وأن يجعله حاضرًا بقوة في المشهد الثقافي المعاصر. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الخط العربي، كقامة فنية تركت بصمات لا تُمحى، وألهمت أجيالًا من الخطاطين وعشاق هذا الفن الأصيل. إنه بحق، رائد الخط العربي الذي سطر الجمال إبداعًا.