حين لا يكون القلم جريئًا: لا ترمِ الآخرين بحروف مبهمة

بقلم عبدالعزيز عطيه العنزي
في عالم يضج بالآراء والتعبيرات، يصبح للقلم مكانة محورية في نقل الأفكار والمشاعر. لكن، ماذا لو كان هذا القلم يفتقر إلى الجرأة؟ ماذا لو كان صاحبه يتوارى خلف ستار من الكلمات المبهمة، ويطلق اتهامات أو إشارات غامضة نحو الآخرين؟ هنا تكمن المشكلة، وهنا يأتي القول: “إن لم يكن قلمك جريئًا، فلا ترمِ غيرك بحروف مبهمة.”
الجرأة في الكتابة لا تعني الوقاحة أو التعدي، بل تعني القدرة على التعبير بوضوح وشفافية، وأن تكون مستعدًا لتحمل مسؤولية كل كلمة تكتبها. الكلمات المبهمة، والاتهامات غير المباشرة، والتلميحات الغامضة، غالبًا ما تكون هروبًا من المواجهة، أو محاولة لإثارة البلبلة دون تحمل عواقب التصريح الواضح. هذا النوع من الكتابة لا يبني حوارًا، بل يهدم جسور الثقة، ويخلق بيئة من الشك وسوء الفهم.
عندما يختار الكاتب أن يكون غامضًا في توجيه النقد أو الاتهام، فإنه يضع القارئ في موقف حرج، ويجبره على التكهن بمن يقصد، وما هي الحقيقة وراء هذه الكلمات. هذا ليس فقط غير مهني، بل هو أيضًا غير أخلاقي. فالكتابة، بكل ما تحمله من قوة وتأثير، يجب أن تكون أداة للتنوير والوضوح، لا للتعمية والتضليل.
إن كان هناك نقد بناء يجب أن يوجّه، فليكن ذلك بوضوح وصراحة. وإن كانت هناك مظلمة يجب أن تُكشف، فليكن الكشف عنها بالحقائق والأدلة، لا بالإشارات الخفية. فالقلم الجريء هو الذي ينير الدروب، ويكشف الحقائق، ويتحمل مسؤولية الكلمات التي يخطها. أما القلم الذي يتوارى خلف الإبهام، فهو لا يرمي إلا بظلال من الشك والريبة، ولا يفعل شيئًا سوى تسميم الأجواء.
دعونا نكن أكثر جرأة في أقلامنا، وأكثر وضوحًا في رسائلنا. فالمجتمع يستحق الشفافية، والحقيقة تستحق أن تُقال بوضوح لا لبس فيه.