“زهور السُمّ…عندما يزهر النجاح من جذور الخديعة”

 

ريحاب أبو زيد

منذ شهور لم أكتب مقالا واكتفيت بالحياة…ولإيماني بأن الحرف نابع من الداخل والكلمات تنسج من المواقف… ولا أنكر أن الحياة فيها الصحي وغير ذلك؛لكن لفت انتباهي فئة نراها من بعيد لنجدها جميلة لها رائحة طيبة مثل الزهور الملونة التي ننخدع بألوانها الزاهية وعندما نقترب منها نجد خديعة جمال المنظر ليجرحنا الشوك عند الاقتراب … ففي الحديقة لا تنمو كل الزهور من تربة طيبة ولا تُسقى بماء نقي فهناك بعض الزهور السامة التي تجذبك بمنظرها الجميل وعندما تقترب منها تجدها مليئة بالشوك السام هكذا هم بعض البشر في الحياة فتراهم يبتسمون في وجهك و يشدّون على يدك بحرارة ويغرسون خنجرهم في ظهرك دون الاهتمام للقيم ولا يعنيهم الاخوة أو الصداقة فكل ما يتطلعون إليه أن يصلوا ولو على طموحات من حولهم فنجد لسانهم جميل وكلماتهم منمقة ومغلفة بالسحر أما قلوبهم فمليئة بحقد دفين ،وهنا أتذكر قول الله تعالى:(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) سورة البقرة

يظهرون الطيب من القول، ويتزينون بحسن الحديث بينما يخفون في دواخلهم ضغائن لا ترقى لها الشياطين يظنون الخديعة فطنةوالكذب ذكاءً، ويبررون خبثهم بأنه نجاح.

يحبون النجاح لكن ليس النجاح الذي يبنى بالجهد والإبداع، بل النجاح السهل الرخيص الذي يبنى بالكذب و الخداع يتسلقون على أكتاف غيرهم ويزيّفون الحقائق، ويجيدون التمثيل حتى يصدقوا أنفسهم فينطبق عليهم المثل القائل “يكذبوا الكذبة ويصدقونها” قلوبهم ليست فقط خالية من النبل بل ممتلئة بمرض الفشل والخبث وعيونهم لا ترى في العلاقات إلا مصالح، ولا في الأصدقاء إلا سلالم والغريب أنهم يبررون كل أفعالهم النابعة من تربيتهم وتناسوا أن الحياة ليست مسابقة لصعود السلم بسرعة عن طريق الكذب، بل الحياة اختبار للضمير ونجاح التربية السليمة

و رغم كل محاولاتهم التي تنجح أحيانا يفشلون فشلا سريعا و يظلون غرباء بقلوب خاوية لا تعرف النوم أوالطمأنينة.

النجاح الحقيقي لا يُبنى فوق الخراب ولا تدوم زهور السمّ طويلاً.

فالحياة، ولو بعد حين تعيد التوازن ،وتميز بين ضوء الحرف الحقيقي ووميض الحرف الخداع فلا تزرعوا بذورا في الظلام لتستمدوا لون أزهاركم من ثقة وحسن الظن الاخرين بكم ، وجعلوا نجاحكم ينبت من أرضكم، يُسقى بحروف قلمكم الحقيقية وتعاملكم الطيب ويزدهر من نور نيتكم ولا تعتمدوا على الحيلة حتى لا تموت زهوركم سريعا لأن زهور السمّ لا تعيش طويلًا فالنجاح الصحي لا يحتاج لخبث، بل يكفيه توكل على الله وقلب صادق وسعي نظيف.

ختاما تذكروا قول رب العزة : (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) سورة الرعد

صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com