صالح الفوزان.. بصيرة العالم وثبات المنهج

بقلم ـ سالم بن عبيد الصواط
مستشار أكاديمي
في زمنٍ تتعدد فيه الأصوات وتتشابك فيه الرؤى، يبرز الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عالمًا ربانيًا ثابت المبدأ، يستمد نوره من الكتاب والسنة، ويسير على نهج السلف الصالح، جامعًا بين صفاء العقيدة وحكمة الموقف.
ومع توليه منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية، تجلّت مكانته العلمية والشرعية التي استحقها بما حمل من علمٍ راسخٍ، ومنهجٍ متينٍ، وبصيرةٍ نافذةٍ في توجيه الأمة وصون فكرها. فقد غدا صوته صوت الحكمة والاعتدال، وفتواه ميزان العدل والوسطية، يسير بها على نهجٍ سلفيٍّ أصيلٍ يزن الأمور بميزان الشرع والعقل، بعيدًا عن الغلو والتسيّب.
ليس الشيخ الفوزان ممن يكتفون بحفظ النصوص أو نقل الأقوال، بل هو عالم يفقه روح الشريعة ومقاصدها، يدرك مواقع الكلمة وأثرها، ويضع الفتوى في موضعها اللائق بها من فقه المآلات وتقدير المصالح. في كلماته طمأنينة، وفي مواقفه ثبات، وفي رؤيته وضوح يميز بين ما ينفع الأمة وما يضرها، مؤمنًا أن المصلحة الحقيقية هي ما وافق أمر الله ورسوله، وأن كل ما خالف النص وإن بدا نافعًا في لحظته، فلن يورث إلا الفتنة والاضطراب.
تأتي توجيهاته دومًا منسجمة مع المصالح العليا، مؤيدةً لما يحفظ الأمن ويصون الجماعة، وداعيةً إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة، محذّرًا من دعاة الفوضى وأصحاب الأهواء الذين يهددون استقرار المجتمع. وقد كان من أصدق الأصوات الداعية إلى اجتماع العلماء وولاة الأمر على كلمة سواء، إدراكًا منه أن في ذلك قوة الأمة وعزتها.
امتدت بصمته عبر دروسه ومؤلفاته وفتاواه التي تحمل روح المنهج السلفي الأصيل، دعوةً إلى صفاء التوحيد ونقاء العبادة، تجمع بين الحزم في الحق والرحمة بالخلق، وترسم للناس طريق الوسطية التي تهدي إلى الاعتدال.
وهكذا ظلّ الشيخ صالح الفوزان، في علمه ومنهجه ومسيرته، مثالًا للعالم الرباني الذي جمع بين نقاء العقيدة وعمق البصيرة، يخدم دينه ووطنه بعلمٍ وإخلاصٍ ووقار، حتى غدا من أصوات العلم والحكمة التي يُستضاء بها في زمنٍ كثرت فيه الظلمات.



