عندما يُصبح الغد وطنًا بديلًا
الحنين إلى المستقبل – الجزء الثاني :

بقلم / د. فاطمة اغبارية
في زحمة الواقع، هناك من لا يجد مكانه… لا بين الجدران، ولا بين العيون، ولا في لغة اليوم.
هؤلاء لا يشتكون كثيرًا، لكنهم “ينظرون إلى الأمام” أكثر مما ينظر غيرهم.
ليس لأنهم طموحون فقط… بل لأنهم غرباء.!!
غرباء عن الزمن.
الزمن، بالنسبة إليهم، ليس “سلسلة أيام”، بل هو مكان.
والمكان الذي يشعرون فيه بالانتماء… لم يأتِ بعد.
الغد بالنسبة لهم ليس مجرد تقويم جديد، بل هو وطن مؤجَّل، وحضن لا يزال قيد التكوين.
تسألهم عن الحاضر، فيجيبونك بإجابات غائمة، كأنهم لم يهبطوا فيه تمامًا.
قلوبهم هناك… في وقتٍ لم يُفتح بَعد.
عيونهم ترى صورًا لأشياء لم تُخلق، وأرواحهم تشتاق لأحاديث لم تُقال، ولأماكن لم تُبْنَ، ولأشخاص لم يُولدوا.
هل هذا وهم؟ ربما.
لكنه وهم جميل، يمنحهم عزاءً خفيًا حين تضيق الأزقة، ويعطي لقلوبهم سببًا لتبقى نابضة.
لكن… هل الحنين للمستقبل يدل على حب عميق للغد؟ أم أنه في جوهره كرهٌ خفيٌ لما هو كائن؟
هل نحن نُفتَتَن بالغد لأننا نؤمن به… أم لأن الحاضر خاننا؟
في الجزء القادم، سنتأمل في سؤال عميق: هل نحن جيلٌ يعيش في “ما سيأتي” أكثر مما يعيش في “ما هو موجود”
لنستمع إلى الإجابة. في الجزء الثالث من السلسة