فوضى الصيف… بين ضجيج الوقت وسكون الوعي

بقلم الأستاذة : رحمــة الطويرقي
في كل صيف، يطغى على المشهد صوت الضحك، رائحة السفر، ازدحام المدن، وهدير الشاشات… لكنه بين تلك الزوايا، يحمل شيئًا لا يُرى:
فراغٌ كبير، لا يُملأ بالضجيج، بل بالاتجاه.
في هذا الفصل الطويل، ينكشف كثير منّا…
منّا من يركض خلف المجهول، يلهو بنهم، وكأنّه يهرب من شيء لا يسميه،
ومنّا من يحوّل وقته إلى حديقة… يسقيها بالقراءة، بالكتابة، بالتأمل،
يصنع من كل ساعة فرصة، ومن كل يوم خطوة تقربه من ذاته التي يبحث عنها بين الزحام.
الصيف ليس وقتًا يمرّ، بل اختبارٌ خفيّ…
من يُحسن استثماره، يخرج منه أكثر عمقًا…
ومن يُهدره، يعود كما دخل، وربما أكثر ضياعًا.
في زوايا هذا الفصل، تضعف الرقابة، وتُختبر المبادئ،
ويظهر الفرق بين من يبحث عن الضوء،
ومن يغرق في بريقٍ زائف، يلمع لحظة ويخبو عمرًا.
أما على طاولة العائلة، فالقصة لا تقل أهمية…
هل نُعلّم أبناءنا أن الصيف متنفّس للوعي لا للهروب؟
هل نخلق معهم لحظات تبقى، لا مقاطع تزول؟
وهل نكون لهم المرآة التي يرون فيها نُضجهم، لا ظلًّا لحضورنا الغائب؟
الصيف ليس مجرد حرارة في الطقس…إنه حرارة في القرار: إما أن نختار أنفسنا ، أو نترك الوقت يختار لنا ما لا نشتهي