كيف نعمل على دمج الأيتام ذوي الظروف الخاصة في المجتمع؟

بقلم/ د. وسيلة محمود الحلبي
في كل مجتمع هناك فئة تحتاج منا وقفة حقيقية وليس فقط شعارات، فئة تملك قلوبًا تستحق الاحتواء، وأحلامًا تنتظر من يمنحها الأمل. إنهم الأيتام ذوو الظروف الخاصة، الذين لا يحملون فقط فقد الوالدين، بل يحملون لقبًا قاسيًا قد يجعلهم في عزلة عن المجتمع إذا لم نتكاتف جميعًا لدمجهم وتمكينهم.
إن دمج الأيتام ذوي الظروف الخاصة ليس ترفًا اجتماعيًا ولا مبادرة موسمية، بل هو واجب ديني، وحق إنساني، ومسؤولية، وطنية. فكيف نحقق هذا الدمج؟ وكيف نصنع بيئة تحتضنهم بكرامة وتمنحهم الفرص العادلة؟
لماذا ندمجهم؟
لأنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع، لا هامش فيه لأحد، ولأننا مسؤولون عن كسر الصور النمطية التي تضع حولهم الأسوار، ولأن احتوائهم يخلق مجتمعًا متماسكًا خاليًا من التمييز. ولا بد من خطوات فعالة لدمج الأيتام ذوي الظروف الخاصة في المجتمع منها:
” نشر الوعي المجتمعي” حيث يجب أن تبدأ الحملة من العقول. فالتغيير الحقيقي يتطلب أن نزرع في الناس قناعة أن اليتيم ليس “حالة” بل “إنسان”. وذلك عبر
وسائل الإعلام، وكتابة المقالات، ومن خلال التوعية في المدارس، والمساجد، وحملات السوشيال ميديا. وإبراز النماذج الملهمة تصنع الفرق، من خلال التعريف بقصص نجاح أيتام ذوي ظروف خاصة يشكل حافزًا عظيمًا لهم وللمجتمع، وإبراز قصصهم في وسائل الإعلام. ودعمهم ليكونوا قادة في مجالاتهم. وكسر حاجز الشفقة وتحفيز ثقافة التقدير والاحترام.
ولا بد من تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تصفهم بالنقص، وذلك من خلال. التربية الأسرية والمجتمعية على القبول، فيجب أن نربي أبناءنا على تقبل الآخر والرحمة به، وغرس قيم التآخي والمساواة. ونعلّم أطفالنا أن صديقهم اليتيم له كامل الحقوق مثلهم. ونشجعهم على أن يكونوا مصدر دعم لا مصدر استعلاء.
كما يجب علينا دعم التعليم والتدريب والتمكين لهم حيث يحصل اليتيم ذو الظروف الخاصة على فرص تعليم متساوية وفرص تطوير حقيقية. من خلال توفير برامج تدريب نوعية في المهارات القيادية، التقنية، واللغوية. وفتح الأبواب أمامهم للالتحاق بمبادرات ريادة الأعمال. ودعمهم في التوظيف ومرافقتهم حتى يحققوا الاستقلال. وإشراكهم في الأنشطة المجتمعية ودمجهم في الفرق التطوعية. ودعوتهم للمؤتمرات، والملتقيات، والأنشطة الثقافية، والرياضية. وتخصيص منصات لهم ليكونوا “صوت أنفسهم” لا أن يتحدث أحد بالنيابة عنهم.
وبالنسبة للتشريعات الحافظة لحقوقهم، لا بد من فرض عقوبات على أي سلوك تمييزي ضدهم في التعليم، العمل، أو الخدمات. وتسهيل حصولهم على السكن، والقروض، والرعاية الصحية.
ومن خلال مقالي اليوم أرسل رسالة مؤثرة لعدة جهات:
للمجتمع: لا تعامل اليتيم بذل العطاء، بل بشرف المساواة.
للمؤسسات: كونوا جسرًا يمكّنهم لا مجرد جهة تقدم مساعدات موسمية.
لهم: أنتم تصنعون ذاتكم، لستم أقل من أحد، أنتم أبناء الحياة.
وبعد:
إن دمج الأيتام ذوي الظروف الخاصة هو المعركة الأخلاقية التي يجب أن ننتصر فيها، لأن فشلنا في دمجهم هو فشل في إنسانيتنا قبل أن يكون فشلًا في واجبنا الاجتماعي.
هم لا يريدون شفقة، بل يريدون فرصة. لا يحتاجون تميزًا، بل يحتاجون عدالة.
فليكن كل منا جسرًا يعبرون عليه نحو مستقبل يستحقونه.
• سفيرة الاعلام العربي
• مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة