تأملات إيمان :(الغربة وأثر الإنسان)

أ. إيمان المغربي
سألوني عن الغربة، فقلت: الغربة درجات، الغربة أن تعيش في بلد غير بلدك.
الغربة أن تعيش مع ناس غير أهلك لكن في بلدك.
الغربة أن تعيش مع أهلك وتشعر أنك غريب بينهم، والغريب أنهم يعطونك هذا الإحساس.
لكن أغرب أنواع الغربة أن تعيش وأنت لا تعرف نفسك، والأغرب أن لا تعرف ماذا تريد؟
لكن الغربة الحقيقة والأشد قسوة هي أن تنام في القبر، لا يوجد أحد يذكرك بالخير، والأدهى من ذلك هو أنك لم تترك عملاً صالحًا يذكرك الناس فيه.
فرحلة البحث عن ذاتك هي أقسى أنواع الغربة.
يأتي هذا الشعور من عدم حبك لنفسك، فعدم حبك لنفسك يعني أنك غير متصالح مع نفسك، وهذا يُطلق عليه “نكران الذات”.
حب نفسك، ومن خلال هذا الحب ستعرف نفسك، وستنظر إلى الحياة بحب. لا تقل “الفرصة ضاعت”، لأن الفرصة لا زالت موجودة ما دمت تتنفس.
عندما تتصالح مع نفسك، يمنحك الله حياة جديدة كل يوم، ويمنحك الفرص للسعي للأفضل. دائمًا قل لنفسك: “الفرص ما زالت تأتي طالما أنك تتنفس.”
متى تنتهي الفرصة؟ حين تموت. وحتى بعد موتك، يمكن أن تبقى سيرتك موجودة بين الناس، بروحك الطيبة، بأفعالك وأقوالك التي لا تُنسى، بذكرك الطيب. فهو أثر يبقى حتى بعد موتك.
الإنسان يعيش حياة ثانية حتى بعد موته، بحسن سيرته. (الذكرى الطيبة تبقى في الذاكرة).
على فكرة، ليس ضروريًا أن يكون الأثر الطيب في قضاء مصلحة. قد يكون ببساطة بابتسامة. ابتسم دائمًا في وجوه الناس؛ الابتسامة صدقة. ستقولون: كيف تكون الابتسامة أثرًا؟ نعم، هي أثر طيب يحفر في القلوب.
عندما يموت الشخص المبتسم، يقولون: “الله يرحمه، كانت ابتسامته لا تفارق وجهه.”
وهذا ما ذكره الحديث الشريف عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية (ممكن أن تكون بابتسامة)، أو علم ينتفع به (ممكن أن تترك قرآنًا في مسجد)، أو ولد صالح يدعو له”.
قد لا يكون لديك أبناء، لكن هناك من قد يموت وهو شاب لم يتزوج. هل يعني ذلك أن ذكره قد ينقطع؟ لا، هناك ما تركه بين الناس من فعل أو قول طيب.