المجلس التنفيذي يختتم مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 مع المملكة العربية السعودية

جدة – ماهر بن عبدالوهاب
أثبت اقتصاد المملكة العربية السعودية قدرته على الصمود بقوة في مواجهة الصدمات، إذ تُواصِل الأنشطة الاقتصادية غير النفطية نموها، والتضخم قيد الاحتواء، كما سجلت معدلات البطالة انخفاضا غير مسبوق.
ورغم تصاعد حالة عدم اليقين وانخفاض أسعار السلع الأولية، لا تزال الآفاق قوية وتحيط بها مخاطر التطورات السلبية. ولا تزال هوامش الأمان الخارجية والمالية كبيرة، حتى مع استمرار العجز في الحساب الجاري والمالية العامة على المدى المتوسط.
ونظرا لتصاعد حالة عدم اليقين العالمي في الوقت الحاضر، يكتسب موقف المالية العامة المعاكس للدورة الاقتصادية أهمية بالغة. ومن المهم معالجة الائتمان القوي لتخفيف المخاطر على الاستقرار المالي النظامي. وفي الوقت نفسه، تصبح الإصلاحات الهيكلية ضرورية للحفاظ على النمو غير النفطي والدفع نحو تنويع
واشنطن العاصمة : اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 28 يوليو 2025 مشاورات المادة الرابعة مع المملكة العربية السعودية.[1]
في ظل التقدم في تنويع نشاطها الاقتصادي، أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها على الصمود بقوة في مواجهة الصدمات الخارجية. ففي عام 2024، حقق إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي نموا قدره 4,5%، مدفوعا بقطاعات تجارة التجزئة والضيافة والبناء، وفي الوقت نفسه أدى تخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+ إلى استمرار إنتاج النفط عند 9 ملايين برميل يوميا، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 4,4% في إجمالي الناتج المحلي النفطي، وتراجع النمو الكلي إلى 2%. وظل التضخم قيد الاحتواء، مع استمرار تباطؤ الارتفاع في إيجارات المساكن. وتراجع معدل بطالة المواطنين السعوديين إلى مستوى قياسي، في حين انخفضت معدلات بطالة الشباب والنساء بمقدار النصف على مدار فترة بلغت أربع سنوات. وتحول الحساب الجاري من فائض نسبته 2,9% من إجمالي الناتج المحلي في 2023 إلى عجز بلغ 0,5% من إجمالي الناتج المحلي، يُمَوَّل بصورة متزايدة من خلال الاقتراض الخارجي والحد من تراكم الأصول بالنقد الأجنبي في الخارج. وبرغم هذه التحولات، استقر صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بقيمة قدرها 415 مليار دولار، أي ما يغطي187% من مقياس صندوق النقد الدولي لكفاية الاحتياطيات. ولا يزال القطاع المصرفي قويا، يتسم بارتفاع رأس المال والربحية، مع بلوغ القروض المتعثرة أدنى مستوياتها منذ عام 2016.
وفي ظل تصاعد حالة عدم اليقين وتراجع أسعار السلع الأولية، سيظل الطلب المحلي القوي، بما في ذلك المشروعات بقيادة الحكومة، يدفع النمو غير النفطي إلى مستوى أعلى من 3,5% على المدى المتوسط. ويرجع ذلك إلى الاستمرار في تنفيذ مشروعات “رؤية السعودية 2030” وإلى استضافة فعاليات دولية كبرى. وبوجه عام، يُتوقع تسارع وتيرة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 3,9% بحلول عام 2026، يدعمه الإلغاء التدريجي المستمر لتخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+. ومن المتوقع أن يظل التضخم قيد الاحتواء، في حين يُتوقع استمرار عجز الحساب الجاري على المدى المتوسط نتيجة لزيادة الواردات المرتبطة بالاستثمارات والتدفقات الخارجة من تحويلات العاملين الوافدين. وسوف تظل هوامش الأمان الاحتياطية ملائمة، حيث يُتوقع تمويل عجز الحساب الجاري من خلال السحب من الودائع، والحد من تراكم الأصول بالنقد الأجنبي في الخارج، وزيادة الاقتراض الخارجي.
ولا تزال مخاطر التطورات السلبية تحيط بالآفاق على المدى القريب، بما في ذلك ضعف الطلب على النفط نتيجة للتوترات التجارية العالمية، وانخفاض إنفاق الحكومة، والمخاطر الأمنية الإقليمية التي يمكن أن تضعف معنويات المستثمرين. وعلى الجانب الإيجابي، يمكن لارتفاع إنتاج النفط أو تنفيذ استثمارات إضافية مرتبطة بمبادرات رؤية السعودية 2030 أن يدعما النمو، وقد ترتفع أسعار النفط في حالة اكتساب التعافي العالمي قوة أكبر أو في حالة اضطراب عرض النفط العالمي.
تقييم المجلس التنفيذي[2]
اتفق المديرون التنفيذيون مع الخط العام لتقييم خبراء الصندوق، وأثنوا على الأداء الاقتصادي القوي للمملكة العربية السعودية رغم ارتفاع حالة عدم اليقين العالمي والصدمات الخارجية، والذي تحقق بدعم من الإصلاحات الجارية في ظل “رؤية السعودية 2030” لتنويع نشاط الاقتصاد السعودي. ورحب المديرون بقوة النشاط الاقتصادي غير النفطي، وتراجع التضخم وانخفاض البطالة إلى معدلات غير مسبوقة. وبرغم ارتفاع حالة عدم اليقين وظهور معدلات العجز المزدوج، لا تزال الآفاق مواتية، تدعمها السياسات الاقتصادية الكلية المناسبة، والهوامش الاحتياطية الكبيرة، وزخم الإصلاح المثير للإعجاب.
وأيد المديرون انتهاج سياسة مالية معاكسة للاتجاهات الدورية على المدى القريب، نظرا لهوامش الأمان المالي الوفيرة، وذلك لدعم النمو وتجنب تضخيم تأثير التقلبات الكبيرة في أسعار النفط. ورحبوا بتخطيط الحكومة للطوارئ وحثوا على توخي العناية عند النظر في المفاضلات المتعلقة باستخدام هوامش الأمان المالي. وعلى المدى المتوسط، اتفق المديرون على الحاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج لتحقيق العدالة بين الأجيال. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إصلاحات السياسة الضريبية الأوسع نطاقا لزيادة الإيرادات غير النفطية، واحتواء فاتورة الأجور، وإصلاح دعم الطاقة إلى جانب تحسين توجيه شبكات الأمان الاجتماعي لمستحقيها، وترشيد النفقات غير الأساسية.
وأثنى المديرون أيضا على السلطات لما حققته من تقدم في تقوية مؤسسات المالية العامة، وحثوها على مواصلة بذل الجهود لتعزيز إطار المالية العامة متوسط الأجل، وشجعوا على تفعيل قاعدة للمالية العامة تقوم على النفقات، وعلى إجراء تحسينات في تنفيذ الميزانية، وتفعيل إطار شامل لإدارة الأصول والخصوم السيادية. ورحب المديرون بالتقدم الكبير على صعيد شفافية المالية العامة مع تعزيز التحليل المالي والإفصاح عن البيانات، وبالجهود الجارية لتحليل المخاطر، بما فيها الالتزامات الاحتمالية، وشجعوا على تحقيق مزيد من التقدم في هذه المجالات. وألقوا الضوء على ضيق فروق العائد على السندات السيادية عقب إصدار السندات مؤخرا وهو ما يرجع إلى زيادة ثقة المستثمرين في استدامة سياسات المالية العامة.
واتفق المديرون على أن نظام ربط العملة بالدولار الأمريكي لا يزال ملائما. ورحبوا بأوجه التحسن في إطار إدارة السيولة وأشاروا إلى أن العمليات النقدية ينبغي أن تواصل التركيز على تمهيد السيولة في الأجل القصير دون أن تفضي إلى إذكاء نمو الأصول والائتمان.
وذكر المديرون أن الجهاز المصرفي لا يزال متمتعا بمستويات جيدة من رأس المال والربحية، كما أن أوضاع السيولة كافية، ومواطن الضعف في القطاع المالي المؤثرة على النظام متدنية. ورحبوا بمواصلة التقدم في تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والرقابية في القطاع المصرفي وحثوا على سرعة اعتماد نظام المصارف والانتهاء من وضع إطار إدارة الأزمات. وأثنى المديرون على التقدم الجيد في تنفيذ توصيات تقرير تقييم القطاع المالي، وتوخي البنك المركزي السعودي اليقظة في رصد المخاطر المحتملة، ورحبوا بمراجعته الاستباقية لأدوات السلامة الاحترازية الكلية من أجل ضمان استمرار الاستقرار المالي، وذلك بوسائل منها تحديد هامش الأمان الرأسمالي المعاكس للتقلبات الدورية مؤخرا وهو 100 نقطة أساس. ورحب المديرون كذلك بمواصلة التقدم في تعميق السوق المالية المحلية، وهو أمر مهم للمساعدة على تنويع مصادر التمويل.
وأشاد المديرون بالإصلاحات الهيكلية المثيرة للإعجاب منذ عام 2016 وأكدوا أهمية المحافظة على زخم الإصلاح بغض النظر عن تطورات أسعار النفط. ورحبوا بصفة خاصة بأوجه التحسن في البيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، ورأس المال البشري، ومشاركة المرأة في سوق العمل، والحوكمة، وذكروا أنهم يتطلعون إلى التحسن المستمر في حصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التمويل، والتكامل التجاري الإقليمي، والصمود في مواجهة تغير المناخ. وأشار المديرون إلى أن السياسات الصناعية ينبغي أن تظل مكملة للإصلاحات الهيكلية، وأن تكون موجهة ومؤقتة وشفافة، كما ينبغي أن يتواصل إعطاء الأولوية لجذب استثمارات القطاع الخاص والمُضي قُدُما في تنويع النشاط الاقتصادي.
وأثنى المديرون على المملكة العربية السعودية لدورها في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ودورها القيادي في المنتديات متعددة الأطراف، بما فيها مجموعة العشرين، ودورها في رئاسة اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، وقالوا إنهم يتطلعون إلى استمرار مساهماتها في معالجة التحديات العالمية.
ومن المتوقع إجراء مشاورات المادة الرابعة القادمة مع المملكة العربية السعودية على أساس الدورة الاعتيادية البالغة 12 شهرا.
المملكة العربية السعودية: مؤشرات اقتصادية مُختارة، 2024-2026 :
السكان: 35,3 مليون نسمة (2024) :
حصة العضوية: الحصة: 9992,6 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (2,10% من المجموع)
أهم المنتجات والصادرات: النفط والمنتجات النفطية (77%)
أهم أسواق التصدير: آسيا والولايات المتحدة وأوروبا
توقعات
2024
2025
2026
الناتج
نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي
2,0
3,6
3,9
نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي
4,5
3,4
3,5
الأسعار
التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين (متوسط، %)
1,7
2,1
2,0
موارد الحكومة المركزية
الإيرادات (% من إجمالي الناتج المحلي)
27,1
24,1
24,0
النفقات (% من إجمالي الناتج المحلي)
29,6
28,1
27,9
رصيد المالية العامة (% من إجمالي الناتج المحلي)
-2,5
-4,0
-3,9
الدين العام (% من إجمالي الناتج المحلي)
26,2
29,8
32,6
الرصيد الأولي النفطي من غير التصدير (% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي)
-24,7
-21,1
-20,3
النقود والائتمان
النقود بمعناها الواسع (التغير %)
8,8
9,3
8,2
الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص (التغير %)
13,4
12,4
8,9
ميزان المدفوعات
الحساب الجاري (% من إجمالي الناتج المحلي)
-0,5
-2,6
-3,0
الاستثمار الأجنبي المباشر (% من إجمالي الناتج المحلي)
1,6
1,6
1,6
الاحتياطيات (بما يعادل أشهر الواردات)1
14,9
14,1
13,3
الدين الخارجي (% من إجمالي الناتج المحلي)
30,1
34,8
38,1
سعر الصرف
سعر الصرف الفعلي الحقيقي (التغير %)
2,4
3,0
معدل البطال
الكلي (% من مجموع القوى العاملة)
3,5
المواطنون (% من مجموع القوى العاملة)
7,4
المصادر: حكومة المملكة العربية السعودية؛ وتقديرات وتوقعات خبراء صندوق النقد الدولي.
1 السلع والخدمات المستوردة
2 بالنسبة لعام 2025، هي أحدث البيانات المتاحة.
[1] تنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي. ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد. وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريرا يشكل أساسا لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص. [2] في ختام المناقشات، يقوم مدير عام الصندوق، بصفته رئيس المجلس التنفيذي، بتقديم ملخص لآراء المديرين التنفيذيين ثم يُرسَل هذا الملخص إلى السلطات في البلد العضو. ويمكن الاطلاع عبر الرابط التالي على شرح للعبارات الواصفة المستخدمة في تلخيص المناقشات: